﴿مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [الأنفال:60] مصدرية و أهل التبري يجعلونها للنفي في الآية فنفى عندهم الاستطاعة في التقوى و أثبتها عند من جعلها مصدرية
[رد جميع الأمور إلى اللّٰه و التعويل عليه في كل شئون الحياة]
و لما كان المعنى في التقوى أن تتخذ وقاية مما ينسب إلى المتقي فإذا جاءت النسبة حالت الوقاية بينها و بين المتقي أن تصل إليه فتؤذيه فتلقتها الوقاية فلا أحد أصبر على أذى من اللّٰه فإن السهم و الطعن و الحجر و الضرب بالسيف و ما أشبه ذلك عند المثاقف إنما تتلقاها الوقاية و هي المجن الذي بيده و هو من ورائها ماسك عليها لكنه يحتاج إلى ميزان قوي لأمور عوارض عرضت للنسبة تسمى مذمومة فيقبلها العبد و لا يجعل اللّٰه وقاية أدبا و إن كان لا يتلقاها إلا اللّٰه في نفس الأمر و لكن الأدب مشروع للعبد في ذلك و لا تضره هذه الدعوى لأنها صورة لا حقيقة و إذا علم اللّٰه ذلك منك جازاك جزاء من رد الأمور إليه و عول في كل حال عليه و سكن تحت مجاري الأقدار و تفرج فيما يحدث اللّٰه في أولاد الليل و النهار فهذا تقوى اللّٰه قد أومأنا إلى تحقيقه إيماء فإن للكلام في معناه مجالا رحبا يطول فاكتفينا بهذا و انتقلنا إلى تقوى الحجاب و الستر و الكل من تقوى اللّٰه فإنه الأصل انتهى الجزء الثالث و التسعون
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية