﴿بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف:32] و هو غني عن العالمين هذا مذهب جماعة من العلماء بالله و قالت طائفة من العارفين إن اللّٰه أوجد الإنس له تعالى و الجن و أوجد ما عدا هذين الصنفين للإنسان و «قد روى في ذلك خبر إلهي عن موسى صلى اللّٰه عليه و سلم أن اللّٰه أنزل في التوراة يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك و خلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك» و قال تعالى ﴿وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] و تقتضي المعرفة بالله أن اللّٰه خلق العالم و تعرف إليهم لكمال مرتبة الوجود و مرتبة العلم بالله لا لنفسه سبحانه و هذه الوجوه كلها لها نسب صحيحة و لكن بعضها أحق من بعض و أعلاها ما ذهبنا إليه ثم يلي ذلك خلقه لكمال الوجود و كمال العلم بالله و ما بقي فنازل عن هاتين المرتبتين
[من عرف النسب فقد عرف اللّٰه و من جهلها فقد جهله]
و اعلم أن كل خلق ينسب إلى جناب الحضرة الإلهية فلا بد من مظهر يظهر فيه ذلك الخلق فأما أن يعود من المظهر التخلق به على جناب الحق أو يكون متعلقة مظهر آخر يقتضيه في عين ممكن ما من الممكنات لا يكون إلا هكذا و أما الحق من حيث هو لنفسه فلا خلق فمن عرف النسب فقد عرف اللّٰه و من جهل النسب فقد جهل اللّٰه و من عرف أن النسب تطلبها الممكنات فقد عرف العالم و من عرف ارتفاع النسب فقد عرف ذات الحق من طريق السلب فلا يقبل النسب و لا تقبله و إذا لم يقبل النسب لم يقبل العالم و إذا قبل النسب كان عين العالم قال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية