فمنهم من جعل ذلك نسخا و منهم من جعله تخصيصا و هو مذهبنا فبقي حكم الآية في الحامل و المرضع إذا خافتا على ولدهما و سماه اللّٰه تطوعا و قال ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [البقرة:184] فنكر خيرا فدخل فيه الإطعام و الصوم ذكر البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة:184] قال ابن عباس ليست بمنسوخة هو للشيخ الكبير و المرأة الكبيرة و قال أبو داود عن ابن عباس أثبتت في الحبلى و المرضع و قال الدارقطني عن ابن عباس في هذا يطعم كل يوم مسكينا نصف صاع من حنطة
[الحق إذا خير العبد فقد حيره]
اعلم أن الحق إذا خير العبد فقد حيره فإن حقيقته العبودية فلا يتصرف إلا بحكم الاضطرار و الجبر و التخيير نعت السيد ما هو نعت العبد و قد أقام السيد عبده في التخيير اختبارا و ابتلاء ليرى هل يقف مع عبوديته أو يختار فيجري في الأشياء مجرى سيده و هو في المعنى مجبور في اختياره مع كون ذلك عن أمر سيده فكان لا يزول عن عبوديته و لا يتشبه بربه فيما أوجب اللّٰه عليه التخيير فمن العبيد من حار و لا يدري ما يرجح و من العبيد من قال إن ربي يقول ﴿مٰا كٰانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [القصص:68]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية