مستبشرين ﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ [آل عمران:170] و قد علمت فضل المجاهد في سبيل اللّٰه في حال جهاده حتى يرجع إلى أهله بما اكتسبه من أجر أو غنيمة إنه كالصائم القائم القانت بآيات اللّٰه لا يفتر من صلاة و لا من صيام حتى يرجع المجاهد و «قد علمت بالحديث الصحيح أن الصوم لا مثل له و قد قام الجهاد مقامه و مقام الصلاة و ثبت هذا عن رسول اللّٰه ص» و هذا في الجهاد الذي فرضه اللّٰه تعالى المعين و يعصي الإنسان بتركه لا بد من ذلك و لا يزال العبد العالم الناصح نفسه المستبرئ لدينه في جهاد أبدا لأنه مجبول على خلاف ما دعاه إليه الحق فإنه بالأصالة متبع هواه الذي هو بمنزلة الإرادة في حق الحق فيفعل الحق ما يريده فإننا كلنا عبيده و لا تحجير عليه و يريد الإنسان أن يفعل ما يهوى و عليه التحجير فما هو مطلق الإرادة فهذا هو السبب الموجب في كونه لا يزال مجاهدا أبدا و لذلك طلب أصحاب الهمم أن يلحقوا بدرجات العارفين بالله حتى تكون إرادتهم إرادة الحق أي يريدون جميع ما يريده الحق و هو ما هم الخلق عليه فيريدونه من حيث إن اللّٰه أراد إيجاده و يكرهون منه بكراهة الحق ما كرهه الحق و وصف نفسه بأنه لا يرضاه فهو يريده و لا يرضاه و يريده و يكرهه في عين إرادته إن أراد أن يكون مؤمنا و إن لم يكن كذلك و إلا فقد انسلخ من الايمان نعوذ بالله من ذلك فإنه غاية الحرمان و هذا هو الحق الممقوت كما تقول في الغيبة إنها الحق المنهي عنه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية