«يقال للقارئ يوم القيامة اقرأ و ارق» و رقية في الدنيا في أيام التكليف في قراءته أن يرقى من تلاوته إلى تلاوته بأن يكون الحق هو الذي يتلو على لسان عبده كما يكون سمعه الذي به يسمع و بصره الذي به يبصر و يديه اللتين بهما يبطش و رجليه اللتين بهما يسعى كذلك هو لسانه الذي به ينطق و يتكلم فلا يحمد اللّٰه و لا يسبحه و لا يهلله إلا بما ورد في القرآن عن استحضار منه لذلك فيرقى من قراءته بنفسه إلى قراءته بربه فيكون الحق هو الذي يتلو كتابه فيرتفع يوم القيامة في الآية التي ينتهي إليها في قراءته و يقف عندها إلى الدرجة التي تليق بتلك الآية التي يكون الحق هو التالي لها بلسان هذا العبد عن حضور من العبد التالي لذلك فإن أفضل الكلام كلام اللّٰه الخاص المعروف في العرف
(وصية)
و عليك بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم تشهده منه أو عمل يكون فيه أو خلق حسن يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلا بد أن يتحلى منها بقدر ما يوفقه اللّٰه لذلك و إذا كان الجليس له هذا التعدي فاتخذ اللّٰه جليسا بالذكر و الذكر القرآن و هو أعظم الذكر قال تعالى ﴿إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ [الحجر:9] يعني القرآن و «قال أنا جليس من ذكرني» و «قال ﷺ أهل القرآن هم أهل اللّٰه و خاصته» و خاصة الملك جلساؤه في أغلب أحوالهم و اللّٰه له الأخلاق و هي الأسماء الحسنى الإلهية فمن كان الحق جليسه فهو أنيسه فلا بد أن ينال من مكارم أخلاقه على قدر مدة مجالسته و من جلس إلى قوم يذكرون اللّٰه فإن اللّٰه يدخله معهم في رحمته فهم القوم الذين لا يشقى جليسهم فكيف يشقى من كان الحق جليسه و «قد ورد في الحديث الثابت أن الجليس الصالح كصاحب المسك إن لم يصبك منه أصابك من ريحه و الجليس السوء كصاحب الكير إن لم يصبك من شرره أصابك من دخانه»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية