فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي
![]() |
![]() |
فإذا فهمت مقالتي تعلم بأنك مبتئس «1»
لو كان «2» يطلب غير ذا لرآه فيه وما نكس
وأما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام «حَتَّى نَعْلَمَ» «22» ويعلم، استفهما عما نسب إليها هل هو حق أم لا مع علمه الأول بهل وقع ذلك الأمر أم لا فقال له «أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله». فلا بد في الأدب من الجواب للمستفهم لأنه لما تجلى له في هذا المقام وهذه الصورة اقتضت الحكمة الجواب في التفرقة بعين الجمع، فقال: وقدَّم التنزيه «سُبْحانَكَ» فحدد بالكاف التي تقتضي المواجهة والخطاب «ما يَكُونُ لِي» من حيث أنا لنفسي دونك «أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ» أي ما تقتضيه هويتي ولا ذاتي. «إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ» لأنك أنت القائل، ومن قال أمراً فقد علم ما قال، وأنت اللسان الذي أتكلم به كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في الخبر الإلهي فقال «كنت لسانه الذي يتكلم به». فجعل هويته عين لسان المتكلم، ونسب الكلام إلى عبده.
ثم تمم العبد الصالح الجواب بقوله «تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي» والمتكلم الحق، ولا أعلم ما فيها. فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنه قائل وذو أثر.
«إِنَّكَ أَنْتَ» فجاء بالفصل «3» والعماد تأكيداً للبيان واعتماداً عليه، إذ لا يعلم الغيب إلا الله. ففرق «4» وجمع، ووحَّد وكثر، ووسَّع وضيَّق ثم قال متمماً للجواب «ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ» فنفى أولًا «5» مشيراً إلى أنه ما هو «6». ثم أوجب القول
(1) ن مقتبس بالقاف
(2) أي موسى- يطلب غير ذا، أي غير النار
(3) أي ضمير الفصل والعماد وهو «أنت»
(4) ب: وفرق
(5) ن: ساقطة
(6) جميع الشروح: ما هو ثمة، ساقطة من المخطوطات الثلاثة.
![]() |
![]() |





