اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الوجوب والإمكان]


فاعلم إن الإمكان موطنه غير موطن الوجوب بل هما موطنان للواجب والممكن وموطن الممكن العدم أو لا وهو موطنه الحقيقي فإذا اتصف بالوجود فقد اغترب عن وطنه بلا شك وكان في حال سكناه في وطنه مشاهدا للحق فإنه جار له إذ وصف العدم له أزلا وصف الوجود لله أزلا فاغترب عن وطنه بالوجود ففارق مجاورة الحق ولزم الحدوث بهذه الغربة والحق غير متصف بهذه الصفة ولم يتصف الحق بالحدوث أزلا في حال عدمه فاغترب عن الحق بحدوثه ولما حصل له الوجود الحادث ووقعت المشاركة في الوجود بينه وبين الحق دهش فإنه رأى ما لا يعرفه فإنه عرف نفسه متميزا عن الحق بحال العدم فلما فارق هذا الحال بالوجود أدركه الدهش عن المعرفة الأولى وهذه الغربة حال رجلين رجل لم يأنس بهذا المقام ولا وصل إليه بطريق استدراج وترق من حال إلى حال بل أتاه بغتة فجاءه ما لم يعهده ولا ألفه فرأى نفسه تضعف عن حمله فيخاف من عدم عينه فيدهش عن تحصيل تلك المعرفة ويرجع إلى حسه عاجلا فيتغرب عن الحق في تلك الرجعة ورأينا من أهل هذا المقام أبا العباس أحمد العصاد المعروف بمصر بالحريري وما رأينا غيره وأما الرجل الآخر فهو رجل ما من معرفة ترد عليه إلا وتدهشه لعظيم ما يرى مما ه