اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[أن مرتبة الظن برزخية]
واعلموا فإن الظن لما كانت مرتبته برزخية لها وجه إلى العلم وإلى نقيضه ثم دلت قرائن الأحوال على وجه العلم فيه حكمنا عليه بحكم العلم وأنزلناه منزلة اليقين مع بقاء اسم الظن عليه لا حكمه فإن الظن لا يكون إلا بنوع من ترجيح يتميز به عن الشك فإن الشك لا ترجيح فيه والظن فيه نوع من الترجيح إلى جانب العلم وكذا قال أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا فأبان أن في الظن ترجيحا ولا بد إما إلى جانب الخير وإما إلى جانب الشر والله عند ظن عبده به ولكن ما وقف هنا لأن رحمته سبقت غضبه فقال معلما فليظن بي خيرا على جهة الأمر فمن لم يظن به خيرا فقد عصى أمر الله وجهل ما يقتضيه الكرم الإلهي فإنه لو وقع التساوي من غير ترجيح كالشك لكان من أهل من يقول إن عدله لا يؤثر في فضله ولا فضله في عدله فلما كان الظن يدخله الترجيح أمرنا الحق أن نرجح به جانب الخير في حقنا ليكون عند ظننا به فإنه رحيم فمن أساء الظن بأمر فإن العائد عليه سوء ظنه لا غير ذلك والله يجعلنا من أهل العلم وإن قضى علينا بالظن فنظن الخير بالله وقد فعل بحمد الله والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ


