اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الطالب المحق لا يطلب ما لا تستحقه ذاته]


فلنقل اعلم أن قوله أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ إنما هو مما يقوم ذات ذلك الشيء من الفصول المقومة لذاته وأما ما تطلبه تلك الفصول من اللوازم والأعراض فما أعطاه ذلك لأن أعراض كل ذات لا يتناهى ما دام موصوفا بالبقاء في الوجود وما لا يمكن فيه التناهي لا يصح أن يدخل في الوجود بل على التتالي والتتابع فالطالب المحق هو الذي لا يطلب ما لا تستحقه ذاته من لوازمها وأعراضها كمن ليس من حقيقته أن يقبل التفكر فيطلب أن يتصف بالفكر فما هو محق في طلبه فإذا طلبه الإنسان إذا كان الغالب عليه الوقوف مع المحسوسات فله أن يطلب الاشتغال بالتفكر في خلق السموات والأرض وجميع الآيات فهو محق في طلبه صادق الدعوى في نفي التفكر عنه لاستيلاء الغفلة عليه فهذا هو المحق الذي لا يعارض طلب حقه الذي يستحق بذاته طلبه قوله أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فقد تبين لك كيف ينبغي لك أن تسأل وما ذا تسأل فيه ومن أوصاف المحق أن لا يسأل إلا من بيده قضاء ذلك الحق المسئول فإن لم يفعل فقد شكى إلى غير مشتكى
