الفتوحات المكية

اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)


ما شراب الحب‏

الجواب تجل متوسط بين تجليين وهو التجلي الدائم الذي لا ينقطع وهو أعلى مقام يتجلى الحق فيه لعباده العارفين وأوله تجلى الذوق وأما التجلي الذي يقع به الري فهو لأصحاب الضيق فغاية شربهم رى وأما أهل السعة فلا رى لشربهم كأبي يزيد وأمثاله فأول ما أقدم في هذا السؤال معرفة الحب وحينئذ يعرف شرابه الذي أضيف إليه وكأسه‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فاعلم إن الحب على ثلاث مراتب حب طبيعي وهو حب العوام وغايته الاتحاد في الروح الحيواني فتكون روح كل واحد منهما روحا لصاحبه بطريق الالتذاذ وإثارة الشهوة ونهايته من الفعل النكاح فإن شهوة الحب تسري في جميع المزاج سريان الماء في الصوفة بل سريان اللون في المتلون وحب روحاني نفسي وغايته التشبه بالمحبوب مع القيام بحق المحبوب ومعرفة قدره وحب إلهي وهو حب الله للعبد وحب العبد ربه كما قال يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ ونهايته من الطرفين أن يشاهد العبد كونه مظهرا للحق وهو لذلك الحق الظاهر كالروح للجسم باطنه غيب فيه لا يدرك أبدا ولا يشهده إلا محب وأن يكون الحق مظهرا للعبد فيتصف بما يتصف به العبد من الحدود والمقادير والأعراض ويشاهد هذا العبد وحينئذ يكون محبوبا للحق وإذا كان الأمر كما قلناه فلا حد للحب يعرف به ذاتي ولكن يحد بالحدود الرسمية واللفظية لا غير فمن حد الحب ما عرفه ومن لم يذقه شربا ما عرفه ومن قال رويت منه ما عرفه فالحب شرب بلا رى قال بعض المحجوبين شربت شربة فلم أضمأ بعدها أبدا فقال أبو يزيد الرجل من يحسي البحار ولسانه خارج على صدره من العطش وهذا هو الذي أشرنا إليه‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

واعلم أنه قد يكون الحب طبيعيا والمحبوب ليس من عالم الطبيعة ولا يكون الحب طبيعيا إلا إذا كان المحب من عالم الطبيعة لا بد من ذلك وذلك أن الحب الطبيعي سببه نظرة أو سماع فيحدث في خيال الناظر مما رآه إن كان المحبوب ممن يدرك بالبصر وفي خيال السامع مما سمع فحمله في نشأته فصوره في خياله بالقوة المصورة وقد يكون المحبوب ذا صورة طبيعية مطابقة لما تصور في الخيال أو دون ذلك أو فوق ذلك وقد لا يكون للمحبوب صورة ولا يجوز أن يقبل الصور فصور هذا المحب من السماع ما لا يمكن أن يتصور ولم يكن مقصود الطبيعة في تصوير ما لا يقبل الصورة إلا اجتماعها على أمر محصور ينضبط لها مخافة التبديد والتعلق بما ليس في اليد منه شي‏ء فهذا هو الداعي لما ذكرناه من تصوير من ليس بصورة أو من تصوير من لم يشهد له صورة وإن كان ذا صورة وفعل الحب في هذه الصورة أن يعظم شخصها حتى يضيق محل الخيال عنها فيما يخيل إليه فتثمر تلك العظمة والكبر التي في تلك الصورة نحو لا في بدن المحب فلهذا تنحل أجساد المحبين فإن مواد الغذاء تنصرف إليها فتعظم وتقل عن البدن فينحل فإن حرقة الشوق تحرقه فلا يبقى للبدن ما يتغذى به وفي ذلك الاحتراق نمو صورة المحبو

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!