الفتوحات المكية

اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)


في كتاب أو سنة فإنه ينسب إلى هذا الشخص فإن هذا الاسم هو الممد له وليس لاسم إلهي عليه حكم إلا بوساطة هذا الاسم على أي وجه كان ولهذا نقول إن الله سبحانه قد أبطن في مواضع رحمته في عذابه ونقمته كالمريض الذي جعل في عذابه بالمرض رحمته به فيما يكفر عنه من الذنوب فهذه رحمة في نقمة وكذلك من انتقم منه في إقامة الحد من قتل أو ضرب فهو عذاب حاضر فيه رحمة باطنة بها ارتفعت عنه المطالبة في الدار الآخرة كما أنه في نعمته في الدنيا من الاسم المنعم أبطن نقمته فهو ينعم الآن بما به يتعذب لبطون العذاب فيه في الدار الآخرة أو في زمان التوبة فإن الإنسان إذا ناب ونظر وفكر فيما تلذذ به من المحرمات تعود تلك الصور المستحضرة عليه عذابا وكان قبل التوبة حين يستحضرها في ذهنه يلتذ بها غاية اللذة فسبحان من أبطن رحمته في عذابه وعذابه في رحمته ونعمته في نقمته ونقمته في نعمته فالمبطون أبدا هو روح العين الظاهرة أي شي‏ء كان فهذا الشخص لما كانت معرفته رحمانية وكان الاسم الرحمن استوى على العرش فقال تعالى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ كانت همة هذا الشخص عرشية فكما كان العرش للرحمن كانت الهمة لهذه المعرفة محلا لاستوائها

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فهذا الشخص له رحمة بالموجودات كلها بالعصاة والكفار وغيرهم‏

قال تعالى لسيد هذا المقام وهو محمد صلى الله عليه وسلم حين دعا على رعل وذكوان وعصية بالعذاب والانتقام فقال عليك بفلان وفلان وذكر ما كان منهم قال الله له إن الله ما بعثك سبابا ولا لعانا ولكن بعثك رحمة

فنهى عن الدعاء عليهم وسبهم وما يكرهون وأنزل الله عز وجل عليه وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فعم العالم أي لترحمهم وتدعوني لهم لا عليهم فيكون عوض قوله لعنهم الله تاب الله عليهم وهداهم كما

قال حين جرحوه اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون‏

يريد من كذبه من غير أهل الكتاب والمقلدة من أهل الكتاب لا غيرهم فلهذا قلنا في حق هذا الشخص صاحب هذا المقام إنه رحيم بالعصاة والكفار فإذا كان حاكما هذا الشخص وأقام الحد أو كان ممن تتعين عليه شهادة في إقامة حد فشهد به أو أقامه فلا يقيمه إلا من باب الرحمة ومن الاسم الرحمن في حق المحدود والمشهود عليه لا من باب الانتقام وطلب التشفي لا يقتضيه مقام هذا الاسم فلا يعطيه حاله هذا الشخص قال تعالى في قصة إبراهيم إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ من الرَّحْمنِ‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

ومن كان هذا مقامه ومعرفته وهذا الاسم الرحمن ينظر إليه فيعاين من الأسرار ذوقا ما بين نسبة الاستواء إلى العرش وما بين نسبة الأين إلى العماء هل هما على حد واحد أو يختلف ويعلم ما للحق من نعوت الجلال واللطف معا بين العماء والاستواء إذ قد كان في العماء ولا عرش فيوصف بالاستواء عليه ثم خلق العرش واستوى عليه بالاسم الرحمن وللعرش حد يتميز به من العماء الذي هو الاسم الرب وللعماء حد يتميز به عن العرش ولا بد من انتقال من صفة إلى صفة فما كان نعته تعالى بين العماء والعرش أو بأي نسبة ظهر بينهما إذ قد تميز كل واحد منهما عن صاحبه بحده وحقيقته كما يتميز العماء الذي فوقه الهواء وتحته الهواء وهو السحاب الرقيق الذي يحمله الهواء الذي تحته وفوقه عن العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء فهو عماء غير محمول فيعلم السامع أن العماء الذي جعل للرب أينية أنه عماء غير محمول ثم جاء قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله في ظُلَلٍ من الْغَمامِ فهل هذا الغمام هو راجع إلى ذلك العماء فيكون العماء حاملا للعرش ويكون العرش مستوي الرحمن فتجمع القيامة بين العماء والعرش أو هو هذا المقام المقصود الذي فوقه

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

ثم إن صاحب هذا المقام يعطي أيضا من العلوم الإلهية من هذا النوع بالاسم الرحمن نزول الرب إلى سماء الدنيا من العرش يكون هذا النزول أو من العماء فإن العماء إنما

ورد حين وقع السؤال عن الاسم الرب فقيل له أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه فقال كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء

فاسم كان المضمر هو ربنا وقال ينزل ربنا إلى السماء

فيدلك هذا على إن نزوله إلى السماء الدنيا من ذلك العماء كما كان استواءه على العرش من ذلك العماء فنسبته إلى السماء الدنيا كنسبته إلى العرش لا فرق فما فارق العرش في نزوله إلى السماء الدنيا ولا فارق العماء في نزوله إلى‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!