اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

يتخبطك الشَّيْطانُ من الْمَسِّ كما قال الله تعالى وحجبك عن عين الفهم السماع الطبيعي فما حصل لك في سماعك إلا الجهل بك فمن لا يفرق بين فهمه وحركته كيف يرجى فلاحه

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فالسماع من عين الفهم هو السماع الإلهي وإذا ورد على صاحبه وكان قويا لما يرد به من الإجمال فغاية فعله في الجسم أن يضجعه لا غير ويغيبه عن إحساسه ولا يصدر منه حركة أصلا بوجه من الوجوه سواء كان من الرجال الأكابر أو الصغار هذا حكم الوارد الإلهي القوي وهو الفارق بينه وبين حكم الوارد الطبيعي فإن الوارد الطبيعي كما قلنا يحركه الحركة الدورية والهيمان والتخبط فعل المجنون وإنما يضجعه الوارد الإلهي لسبب أذكره لك وذلك أن نشأة الإنسان مخلوقة من تراب قال تعالى مِنْها خَلَقْناكُمْ وفِيها نُعِيدُكُمْ ومِنْها نُخْرِجُكُمْ وإن كان فيه من جميع العناصر ولكن العنصر الأعظم التراب قال عز وجل فيه أيضا إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُرابٍ والإنسان في قعوده وقيامه بعد عن أصله الأعظم الذي منه نشأ من أكثر جهاته فإن قعوده وقيامه وركوعه فروع فإذا جاءه الوارد الإلهي وللوارد الإلهي صفة القيومية وهي في الإنسان من حيث جسميته بحكم العرض وروحه المدبر هو الذي كان يقيمه ويقعده فإذا اشتغل الروح الإنساني المدبر عن تدبيره بما يتلقاه من الوارد الإلهي من العلوم الإلهية لم يبق للجسم من يحفظ عليه قي
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فلما رأت هذه الطائفة الجليلة هذا الفرق بين الواردات الطبيعية والروحانية والإلهية ورأت أن الالتباس قد ظرأ على من يزعم أنه في نفسه من رجال الله تعالى أنفوا أن يتصفوا بالجهل والتخليط فإنه محل الوجود الطبيعي فارتقت همتهم إلى الاشتغال بالنيات إذ كان الله قد قال لهم وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ والإخلاص النية ولهذا قيدها بقوله له ولم يقل مخلصين وهو من الاستخلاص فإن الإنسان قد يخلص نيته للشيطان ويسمى مخلصا فلا يكون في عمله لله شيء وقد يخلص للشركة وقد يخلص لله فلهذا قال تعالى مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لا لغيره ولا لحكم الشركة فشغلوا نفوسهم بالأصل في قبول الأعمال ونيل السعادات وموافقة الطلب الإلهي منهم فيما كلفهم به من الأعمال الخالصة له وهو المعبر عنه بالنية فنسبوا إليها لغلبة شغلهم بها وتحققوا إن الأعمال ليست مطلوبة لأنفسها وإنما هي من حيث ما قصد بها وهو النية في العمل كالمعنى في الكلمة فإن الكلمة ما هي مطلوبة لنفسها وإنما هي لما تضمنته فانظر يا أخي ما أدق نظر هؤلاء الرجال وهذا هو المعبر عنه في الطريق بمحاسبة النفس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حاسبوا أنف