اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)
وتحقق ما أشرنا إليه فإن أعيان الممكنات ما استفادت إلا الوجود والوجود ليس غير عين الحق لأنه يستحيل أن يكون أمرا زائدا ليس الحق لما يعطيه الدليل الواضح فما ظهر في الوجود بالوجود إلا الحق فالوجود الحق وهو واحد فليس ثم شيء هو له مثل لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان أو متماثلان فالجمع على الحقيقة كما قررناه أن تجمع الوجود عليه فيكون هو عين الوجود وتجمع حكم ما ظهر من العدد والتفرقة على أعيان الممكنات إنها عين استعداداتها فإذا علمت هذا فقد علمت معنى الجمع وجمع الجمع ووجود الكثرة وألحقت الأمور بأصولها وميزت بين الحقائق وأعطيت كل شيء حكمه كما أعطى الحق كل شيء خلقه فإن لم تفهم الجمع كما ذكرناه فما عندك خبر منه وأما إشارات الطائفة التي سردناها فإن لهم في ذلك مقاصد أذكرها إن شاء الله مع معرفتهم بما ذهبنا إليه أو معرفة الأكابر منهم وأما قول من قال منهم إن الجمع حق بلا خلق فهو ما ذهبنا إليه أن الحق هو عين الوجود غير أنه ما تعرض لما أعطته استعدادات أعيان الممكنات في وجود الحق حتى اتصف بما اتصفت به وأما قول الدقاق في الجمع إنه ما سلب عنك فإنه يقتضي مقامه أن يريد سلب ما وقعت فيه الدعوى منك
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
فاعلم إن المعرفة بالله تعطي أن للعبد نسبة إلى العمل صحيحة أثبتها الحق ولذلك كلفه بالأعمال وللحق تعالى نسبة إلى العمل أثبتها الحق لنفسه وشرع لعبده أن يقول في عمله وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال موسى كليم الله وأعلم الخلق بالله رسل الله فقال لقومه اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا ولا فرق عندنا بين ما يقوله الله أو يقوله رسول الله من نعت الله في الصحة والنسبة إليه وقال الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
ثم فصل سبحانه وبين ما يقول العبد ويقول الله فنسب القول إلى العبد نسبة صحيحة والقول عمل وهو طلب العون من الله في عمله ذلك فصحت المشاركة في العمل فهذا قد جمعت في العمل بين الله وبين العبد فهذا معنى الجمع فقد قررت إن عين العبد مظهر بفتح الهاء وأن الظاهر هو عين الحق وأن الحق أيضا عين صفة العبد وبالصفة وجد العمل والظاهر هو العامل فإذا ليس العمل إلا لله خاصة قلنا وعند ما قررنا ما ذكرته قررنا أيضا أن عين العبد لها استعداد خاص مؤثر في الظاهر وهو الذي أدى إلى اختلاف الصور في الظاهر الذي هو عين الحق فذلك الاستعداد جعل الظاهر أن يقول وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يخاطب ذلك الظاهر بأثر استعداد هذا العين


