و هو ما علا و ما سفل و أنت المميز للعالي و السافل لأنك صاحب الجهات فهو بديع كل شيء و ليس الإبداع سوى الوجه الخاص الذي له في كل شيء و به يمتاز عن سائر الأشياء فهو على غير مثال وجودي إلا أنه على مثال نفسه و عينه من حيث إنه ما ظهر عينه في الوجود إلا بحكم عينه في الثبوت من غير زيادة و لا نقصان فمن جعل العلم تصور المعلوم فلا بد للمعلوم من صورة في نفس العالم
[إن العلم تصور المعلوم]
و أما نحن فلا نقول إن العلم تصور المعلوم على ما قاله صاحب هذا النظر و إنما العلم درك ذات المطلوب على ما هي عليه في نفسه وجودا كان أو عدما و نفيا أو إثباتا و إحالة أو جواز أو وجوبا ليس غير ذلك و إنما يتصور العالم المعلوم إذا كان العالم ممن له خيال و تخيل و ما كل عالم يتصور و لا كل معلوم يتصور إلا إن الخيال له قوة و سلطان فيعم جميع المعلومات و بحكم عليها و يجسدها كلها و هو من الضعف بحيث لا يستطيع أن ينقل المحسوس إلى المعنى كما ينقل المعنى إلى الصورة الحسية و من ضعفه أنه لا يستقل بنفسه فلا بد أن يكون حكمه بين اثنين بين متخيل اسم مفعول و متخيل اسم فاعل معا فالابتداع على الحقيقة إنشاء ما لا مثل له بالمجموع و بهذا قال اللّٰه تعالى ﴿وَ رَهْبٰانِيَّةً ابْتَدَعُوهٰا﴾ [الحديد:27]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية