فأرسل الحجاب بينهم و بينه فلم يروه فلو كانت الرؤية لكان الحياء القائم بالحق مقام الجمال في الخلق فالحكم واحد و العلة تختلف فحقق هذه الحضرة و تزين و تجمل تارة بنعتك من ذلة و افتقار و خشوع و خضوع و سجود و ركوع و تارة بنعته عزَّ وجلَّ من كرم و لطف و رأفة و تجاوز و عفو و صفح و مغفرة و غير ذلك مما هو لله و من زينة اللّٰه التي ما حرمها اللّٰه على عباده فإذا كنت بهذه المثابة أحبك اللّٰه لما جملك به من هذه النعوت و هو الحب الذي ما فيه منة لأن الجمال استدعاه كالمغفرة للتائب و المغفرة لغير التائب فالمغفرة للتائب ما فيها منة فإن التوبة من العبد استدعت المغفرة من اللّٰه و المغفرة لغير التائب منة محضة قال تعالى في مغفرته الواجبة ﴿فَسَأَكْتُبُهٰا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ﴾ [الأعراف:156] و غير المتقي و التائب يطلب رحمة اللّٰه و مغفرته من عين المنة فتجمل إن أردت أن ترتفع عنك منة اللّٰه من هذا الوجه الخاص و يكفيك حكم الامتنان بما وفقت إليه من التجمل بزينة اللّٰه فإن ذلك إنما كان برحمة اللّٰه كما قال ﴿فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران:159] ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«المسعر حضرة التسعير»
إن المسعر رتب الأقواتا *** ليبين الأحوال و الأوقاتا
فيميت أحياء يشاهد فعله *** فينا و يحيي جوده أمواتا
و يردنا بعد اجتماع نفوسنا *** عند الصدور لما نرى أشتاتا
و اللّٰه أنبتنا بأرض وجوده *** من جوده في كوننا إنباتا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية