﴿قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ﴾ [النساء:34] فسافروا عن أهليهم فاستخلفوا الحق فيهم ليقوم عليهم بما كان يقوم به عليهم صاحبهم و أوفى فمن هذه الحضرة أيضا جعل اللّٰه الخلفاء في الأرض واحدا بعد واحد لا يصح ولاية اثنين في زمان واحد «قال ﷺ إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» و لا نشك أن النبي ﷺ أخبرنا أن اللّٰه هو خليفة المسافر في أهله بجعله لا بجعل المسافر بخلاف الوكالة و سترد حضرة الوكالة إن شاء اللّٰه فما جعل الحق نفسه خليفة في أهل المسافر إلا و له حكم ما هو عين الحكم الذي له فيهم من كونه إلها لهم و خالقا و ربا و رازقا و كونهم مألوهين له و مخلوقين و مرزوقين و مربوبين فما عين اللّٰه للرجل أو القائم في أصله من الحقوق التي لهم عليه فإن اللّٰه يتكفل لهم بذلك ما دام مسافرا غائبا عن أهله و ما يفعله معهم من الإنعام و غير ذلك مما لا يجب على الرجل لأهله عليه فهو من حضرة أخرى لا من حضرة الخلافة بل من حضرة الوهب أو الكرم أو الجود أو غير ذلك و مما يجب للأهل على القائم بهم مما هو خارج عن مئونتهم حفظ الأهل و صيانته و الغيرة عليه فمن خلف غائبا بسوء في أهله فقد أتى بابا من أبواب الكبائر فإنه انتهك حرمة الخليفة في الأهل و غره حلمه و إمهاله و ما علم سر اللّٰه في ذلك من خير يعود على الغائب فإنه مؤمن و ما يقضي اللّٰه لمؤمن بقضاء إلا و له فيه خير و كذلك هذا المنتهك من حيث إنه انتهك حرمة الغائب فله فيه خير التبديل لكونه مؤمنا و من حيث إنه منتهك حرمة الخليفة فأمره إلى اللّٰه لا أحكم عليه بشيء إلا أنه في محل الرجاء و الخوف من غير ترجيح أ لا ترى إلى موسى عليه السّلام كيف قال ﴿بِئْسَمٰا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي﴾ [الأعراف:150] و هذا خطاب خارج عمن استخلفه في قومه و هو هارون فسماهم خلفاء و ما استخلفهم لكنه لما تركهم خلفه و سار إلى ربه سماهم بهذا الاسم فاجعل بالك لما تقتضيه هذه الحضرة بما نبهتك عليه و اللّٰه الموفق لا رب غيره
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية