﴿وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] و قد نفى الرمي عنه أولا فنفى عنه اسم العبودة و سماه باسمه إذ لا بد من مسمى و ليس إلا وجود عين العبد لا من حيث هو عبد لكن من حيث هو عين فإن العبد لا يقبل اسم السيادة و العين كما تقبل العبودية تقبل السيادة فانتقل عنها الاسم الذي خلقت له و خلع عليها الاسم الذي يكون عنه التكوين و هو قوله تعالى ﴿وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] و الحق لا يباهت خلقه فما يقول إلا ما هو الأمر عليه في نفسه فنفى ما يستحق النفي لعينه و أثبت ما يستحق الثبوت أيضا لنفسه فظهرت الحقائق في أماكنها على منازلها ما اختل شيء منها في نفس الأمر و إن ظهر الاختلال بالنظر إلى قوم فذلك الاختلال لو لم يكن لكان في الوجود نقص لعدم حكم ذلك الاختلال فلا بد من كونه لأنه لا بد من كمال الوجود و هو قولنا في النقص إنه من كمال الوجود أن يكون فيه نقص و إن كان عينا سلبية و لكن حكمها واضح لمن عقل الأمور على ما هي عليه فحضرة التصوير هي آخر حضرة الخلق و ليس وراءها حضرة للخلق جملة واحدة فهي المنتهى و العلم أولها و الهوية هي المنعوتة بهذا كله أعني الهوية فابتدأ بقوله هو لأن الهوية لا بد منها ثم ختم بها في السلب و الثبوت و هو قوله هو اللّٰه الذي لا إله إلا هو و ابتدأ من الصفات بالعلم بالغيب و الشهادة و ختم بالمصور و لم يعين بعد ذلك اسما بعينه بل قال ﴿لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الأعراف:180] ثم ذكر أن له يسبح ﴿مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة:116]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية