المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأعراف: [الآية 180]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأعراف | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)
«إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ» وهم الملائكة المقربون «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ» يقول : يذلون ويخضعون له «وَيُسَبِّحُونَهُ» أي ينزهونه عن الصفات التي لا تليق به وهي التي تقربوا بها إليه من الذل والخضوع وصدقهم اللّه في هذه الآية في قولهم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فأخبر اللّه عنهم بما أخبروه عن نفوسهم «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» وصفهم بالسجود له عزّ وجل مع هذه الأحوال المذكورة ، وهنا يسجد التالي للقرآن في هذه السجدة اقتداء بسجود الملأ الأعلى وبهديهم ، قال اللّه تعالى لما ذكر النبيين عليهم السلام لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وذكر أنه تعالى آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة قال له : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) وهم بشر مثله ، فما ظنك بالملائكة الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وأي هدي
أعظم مما هدى اللّه تعالى به الملائكة ، فمن سجد فيها ولم يحصل له نفحة مما حصل للملائكة في سجودها من حيث ملكيته الخاصة به فما سجدها ، وهكذا في كل سجدة ترد .
(8) سورة الأنفال مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(206) الفتوحات ج 1 / 509تفسير ابن كثير:
عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله تسعا وتسعين اسما مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " .
أخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عنه رواه البخاري ، عن أبي اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد به وأخرجه الترمذي ، عن الجوزجاني ، عن صفوان بن صالح ، عن الوليد بن مسلم ، عن شعيب فذكر بسنده مثله ، وزاد بعد قوله : " يحب الوتر " : هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الأحد ، الفرد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرءوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور
ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث .
ورواه ابن حبان في صحيحه ، من طريق صفوان ، به وقد رواه ابن ماجه في سننه ، من طريق آخر عن موسى بن عقبة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا فسرد الأسماء كنحو ما تقدم بزيادة ونقصان .
والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه ، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني ، عن زهير بن محمد : أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك ، أي : أنهم جمعوها من القرآن كما ورد عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي ، والله أعلم .
ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى ليست منحصرة في التسعة والتسعين بدليل ما رواه الإمام أحمد في مسنده ، عن يزيد بن هارون ، عن فضيل بن مرزوق ، عن أبي سلمة الجهني ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أعلمته أحدا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا " . فقيل : يا رسول الله ، أفلا نتعلمها ؟ فقال : " بلى ، ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها " .
وقد أخرجه الإمام أبو حاتم بن حبان البستي في صحيحه بمثله
وذكر الفقيه الإمام أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية في كتابه : " الأحوذي في شرح الترمذي " ; أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم ، فالله أعلم .
وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى : ( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) قال : إلحاد الملحدين : أن دعوا " اللات في أسماء الله .
وقال ابن جريج ، عن مجاهد : ( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) قال : اشتقوا " اللات " من الله ، واشتقوا " العزى " من العزيز .
وقال قتادة : ( يلحدون ) يشركون . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الإلحاد : التكذيب . وأصل الإلحاد في كلام العرب : العدل عن القصد ، والميل والجور والانحراف ، ومنه اللحد في القبر ، لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه، بأن له الأسماء الحسنى، أي: له كل اسم حسن، وضابطه: أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة، وبذلك كانت حسنى، فإنها لو دلت على غير صفة، بل كانت علما محضا لم تكن حسنى، وكذلك لو دلت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح، لم تكن حسنى، فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها. وذلك نحو العليم الدال على أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. و كالرحيم الدال على أن له رحمة عظيمة، واسعة لكل شيء. و كالقدير الدال على أن له قدرة عامة، لا يعجزها شيء، ونحو ذلك. ومن تمام كونها "حسنى" أنه لا يدعى إلا بها، ولذلك قال: فَادْعُوهُ بِهَا وهذا شامل لدعاء العبادة، ودعاء المسألة، فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، فيقول الداعي مثلا اللّهم اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، والطف بي يا لطيف ونحو ذلك. وقوله: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أي: عقوبة وعذابا على إلحادهم في أسمائه، وحقيقة الإلحاد الميل بها عما جعلت له، إما بأن يسمى بها من لا يستحقها، كتسمية المشركين بها لآلهتهم، وإما بنفي معانيها وتحريفها، وأن يجعل لها معنى ما أراده اللّه ولا رسوله، وإما أن يشبه بها غيرها، فالواجب أن يحذر الإلحاد فيها، ويحذر الملحدون فيها، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه صلى الله عليه وسلم ( أن للّه تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة )
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) قال مقاتل : وذلك أن رجلا دعا الله في صلاته ودعا الرحمن ، فقال بعض مشركي مكة : إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يدعون أنهم يعبدون ربا واحدا ، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فأنزل الله - عز وجل - : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " . والحسنى تأنيث الأحسن كالكبرى والصغرى ، فادعوه بها .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، أنا أحمد بن منصور المرادي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر " .
( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) قرأ حمزة : " يلحدون " - بفتح الياء والحاء حيث كان - وافقه الكسائي في النحل ، والباقون بضم الياء وكسر الحاء ، ومعنى الإلحاد هو : الميل عن المقصد يقال : ألحد يلحد إلحادا ، ولحد يلحد لحودا : إذا مال . قال يعقوب بن السكيت : الإلحاد هو العدول عن الحق ، وإدخال ما ليس منه فيه ، يقال : ألحد في الدين ، ولحد ، وبه قرأ حمزة .
( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) هم المشركون عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه ، فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا ، فاشتقوا اللات من " الله " والعزى من " العزيز " ، ومناة من " المنان " ، هذا قول ابن عباس ومجاهد .
وقيل : هو تسميتهم الأصنام آلهة . وروي عن ابن عباس : يلحدون في أسمائه أي يكذبون . وقال أهل المعاني : الإلحاد في أسماء الله : تسميته بما لم يسم به ، ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وجملته : أن أسماء الله تعالى على التوقيف فإنه يسمى جوادا ولا يسمى سخيا ، وإن كان في معنى الجواد ، ويسمى رحيما ولا يسمى رفيقا ، ويسمى عالما ولا يسمى عاقلا وقال تعالى : " يخادعون الله وهو خادعهم " ( النساء 142 ) وقال عز من قائل : " ومكروا ومكر الله " ( آل عمران - 54 ) ، ولا يقال في الدعاء : يا مخادع ، يا مكار ، بل يدعى بأسمائه التي ورد بها التوقيف على وجه التعظيم ، فيقال : يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا عزيز ، يا كريم ونحو ذلك . ( سيجزون ما كانوا يعملون ) في الآخرة .
الإعراب:
(وَلِلَّهِ) الواو استئنافية ولفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بمحذوف خبر المبتدأ (الْأَسْماءُ) مبتدأ.
(الْحُسْنى) صفة مرفوعة بالضمة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. والجملة الاسمية مستأنفة.
(فَادْعُوهُ) فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله والهاء مفعوله والفاء هي الفصيحة، والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.
(بِها) متعلقان بالفعل.
(وَذَرُوا) فعل أمر وفاعله.
(الَّذِينَ) اسم موصول مفعوله والجملة معطوفة.
(يُلْحِدُونَ) مضارع وفاعله.
(فِي أَسْمائِهِ) متعلقان بالفعل والجملة صلة الموصول (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) مضارع مرفوع مبني للمجهول والواو نائب فاعله واسم الموصول ما مفعوله والجملة مستأنفة، وجملة كانوا صلة الموصول لا محل لها وجملة يعملون في محل نصب خبر.