كما لم يسو تعالى بين الذين يعلمون و الذين لا يعلمون فالكامل من العباد من لم يترك لله عليه و لا عنده حقا إلا وفاه إياه في كل شيء له فيه نصيب أعطاه نصيبه على حد ما شرع له فإذا وفاه رد عليه جميع ما ذكر أنه له بالشرع فإذا و في اللّٰه له بعهده فيأخذه منه امتناع و ابتداء فضل لا جزاء و لا يكون هذا إلا من العلماء بالله الذين يعلمون الأمر على ما هو عليه و هم أفراد من الخلق لا يعلمهم إلا هو فقد نبهتك على أكمل الطرق في نيل السعادة التي ما فوقها سعادة و مع هذا يا حي و بعده فالأمر عظيم و الخطب جسيم و الإشكال فيه أعظم و لهذا جعل أهل اللّٰه الغاية في الحيرة و هو العجز و هذا القدر كاف في العلم بأن اللّٰه حقا و نصيبا عند عباده يطلبه منهم بحكم الاستحقاق و يطلب منهم أيضا حقوق الغير بحكم الوكالة كما قال ﴿وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ﴾ [التوبة:104] بحكم الوكالة فيربيها و يثمرها فهو وكيل في حق قوم تبرعا من نفسه رحمة بهم و إن لم يوكلوه و في حق قوم وكيل بجعلهم كما أمرهم أن يتخذوه وكيلا و إلا فليس للعبد من الجرأة أن يوكل سيده فلما تبرع بذلك لعباده و نزل إليهم عن كبريائه بلطفه الخفي اتخذوه وكيلا و أورثهم هذا النزول إدلالا و أما حديث ما يقبل اللّٰه من صلاة عبده إلا ما عقل يريد أنه يعضد أداء حق اللّٰه تعالى فيما تعين عليه و جعل أكثره النصف و هو الحد الذي عينه له من صلاة عبده و أقله العاشر فقال عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها و ما ذكر النصف إلا في الفاتحة فعلمنا المعنى فعممناه في جميع أفعال الصلاة و أقوالها بل في جميع ما كلفنا من الأعمال به فأما ما عينه فهو ما انحصرت فيه الفاتحة و هي تسعة أقسام القسم الأول ﴿بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] الثاني ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الفاتحة:2] الثالث
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية