هذا هو الحق الصريح لمن يرى *** ما قد رأيت مبرهنا و مبينا
[أن اللّٰه تعالى ما جعل للأرواح أجنحة إلا للملائكة]
و اعلم أن اللّٰه تعالى ما جعل للأرواح أجنحة إلا للملائكة منهم لأنهم السفراء من حضرة الأمر إلى خلقه فلا بد لهم من أسباب يكون لهم بها النزول و العروج فإن موضوع الحكمة يعطي هذا فجعل لهم أجنحة على قدر مراتبهم في الذي يسرون به من حضرة الحق أو يعرجون إليه من حضرة الخلق فهم بين الخلق و الأمر يترددون و لذلك قالوا ﴿وَ مٰا نَتَنَزَّلُ إِلاّٰ بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ [مريم:64] فاعلم ذلك فإذا نزلت هذه السفرة على القلوب فإن رأتها قلوبا طاهرة قابلة للخير أعطتها من علم ما جاءت به على قدر ما يسعها استعدادها و إن رأتها قلوبا دنسة ليس فيها خير نهتها عن البقاء على تلك الحال و أمرتها بالطهارة بما نص لها الشارع إن كان في العلم بالله فبالعلم به مما يطلبه الفكر و جاء به الخبر النبوي عن اللّٰه و إن كان في الأكوان فبعلم الأحكام و اعتقاداتها هذا و يلزمه حكمها في ذلك إذا وجدت القلوب و إذا لم تجدها كقلوب العارفين الذين هم في ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية