لرؤيتنا النعت الإلهي ميزان *** إذا ظهرت فيه لذي العين أكوان
يعامله الحبر اللبيب بما أتى *** به عن رسول اللّٰه شرع و قرآن
فذلك هو الإسلام فاعمل بحكمه *** كما هو إيمان كما هو إحسان
«وصل»أداء الحقوق نعت إلهي طولب به الكون
قال تعالى ﴿أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [ طه:50] فذلك حق ذلك الشيء الذي له عند اللّٰه من حيث ذاته فهو حق ذاتي و الحق العرضي الذي له عند اللّٰه هو قوله ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ [البقرة:40] فهذا حق على اللّٰه أوجبه على نفسه لمن وفى بعهده و من لم يف فليس له عند اللّٰه عهد إن شاء عذبه و إن شاء أدخله الجنة فمن عباد اللّٰه من يدخل الجنة بالاستحقاق و منهم من يدخلها بالمشيئة لا بالاستحقاق كما أنه إثم من يدخل النار بالاستحقاق و هم المجرمون خاصة و هم أهلها فلا يخرجون منها أبدا و لهذا يقال لهم يوم القيامة ﴿وَ امْتٰازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس:59] أي أهل الاستحقاق الذين يستحقون سكنى هذه الدار و ما عدا المجرمين فإنهم و إن دخلوا النار فلا بد و أن يخرجوا منها بشفاعة الشافعين أو بمنة اللّٰه عليهم و هم الذين ما عملوا خيرا قط و إن كان المجرمون قد عملوا خيرا و لكن الاستحقاق يطلبهم بالإقامة فيها فصورتهم صورة من يفعل ذلك بالخاصية فمن أعطى الحق من نفسه فما ترك عليه حجة لأحد و من زاد على الحق فذلك امتياز له و ثناء من اللّٰه خاص و هذا نعت فيه بين أهل اللّٰه كلام فإنه في إعطاء الواجب عبد اضطرار و في الامتنان عبد اختيار فمن الناس من رجح مقام عبودية الاختيار على عبودية الاضطرار فإن الاضطرار جبر فحكمه غير حكم المختار قال اللّٰه تبارك و تعالى ﴿إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ﴾ [النحل:106] و غير المكره إذا كفر أخذ بكفره و أي شيء فعل جوزي بفعله بخلاف المجبور و ما بقي النظر إلا في معرفة من هو المجبور المكره و ما صفته فإن بعض العلماء لم يصح عنده الجبر و الإكراه على الزنا فيؤاخذ به فإن الآلة لا تقوم له إلا بسريان الشهوة و حكمها فيه و عندنا إنه مجبور في مثل هذا مكره على أن يريد الوقاع و لا يظهر حكم إرادته إلا بالوقوع و لا يكون الوقاع إلا بعد الانتشار و وجود الشهوة و حينئذ يعصم نفسه من المكره له على ذلك المتوعد له بالقتل إن لم يفعل فصح الإكراه في مثل هذا بالباطن بخلاف الكفر فإنه يقنع فيه بالظاهر و إن خالفه الباطن فالزاني يشتهي و يكره تلك الشهوة فإنه مؤمن و لو لا أن الشهوة إرادة بالتذاذ لقلنا إنه غير مريد لما اشتهاه
من يشتهي الأمر قد نراه *** غير مريد لما اشتهاه
لكنه اضطر فاشتهاه *** في ظاهر الأمر إذ رآه
فقل له يحتمي عساه *** ينفعه اللّٰه إذ حماه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية