﴿جَزٰاءً وِفٰاقاً﴾ [النبإ:26] إنباء عن حقيقة لأن المجازي لا يمكن أن يقبل ما لا يعطيه استعداده و باستعداده قبل ما ظهر عليه من الدين الذي يطلب الجزاء فيه بعينه أعني الاستعداد قبل الجزاء فكان الجزاء وفاقا و الجزاء ما هو إلا للعمل و لا يأخذه العامل إلا من عمله و لهذا قيل إن في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر و هو الصحيح فإنه يصدر من العاملين عمل من غير قصد ما رأته عينه و لا سمعته أذنه و لا خطر على قلبه إلا عند ما ظهر منه رأته عينه عند ذلك و خطر له كما يرى ما في الجنة مما لم يره في الدنيا و لا سمع به و لا خطر على قلبه فذلك هو الجزاء الوفاق لهذا النوع من العمل و هذا العمل هو من قوله تعالى ﴿وَ نُنْشِئَكُمْ فِي مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ﴾ [الواقعة:61] فأظهره في منزل لا يعلمه من جهة فكره و لا رأته عينه و لا سمعته أذنه إنه يقام فيه فيكون جزاؤه ما ذكره في الجنة مما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر فخلص الجزاء لهذا العمل بصفة الوفاق و هذا من سر القدر و لما كان الدين هو عمل الخير و الدين العادة «ذكر عليه السّلام إن الخير عادة» و هذا الذكر بشارة من عالم بالأمور و هو الرسول ﷺ بأن النفس خيرة بالذات و ما تقبل الشر إلا لجاجة من القرين بما يلج عليها به فلم يجعل الشر من ذاتها
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية