و ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:164] ليست لغير هذا الصنف فحافظ على تحصيل معرفة الإغضاب على غاية الاستقصاء حتى تجتنبه فإنه من علم الأسرار ما يعرفه كل أحد و هو كان علم حذيفة بن اليمان صاحب رسول اللّٰه ﷺ و لهذا كان أصحاب رسول اللّٰه ﷺ يسمونه صاحب السر لعلمه بهذا العلم و ليس فيما يمنح اللّٰه أولياءه من العلم به في حقهم أنفع من هذا العلم و ما رأيت أحدا له فيه ذوق و لا سمعت عن أحد من أهل اللّٰه تعالى بعد حذيفة من ظهر عليه حكم هذا العلم و هو عصمة خفية تكاد لا يشعر صاحبها بها و ما في الكشف أتم منه و لا يرزق اللّٰه هذا العلم إلا للادباء أهل المراقبة فإنهم يأخذون الأشياء بحكم المطابقة و المناسبة بين الرب و المربوب و الخالق و المخلوق و لا يحكم عليهم حاكم الإمكان و الجواز لأنه ليس له في هذه الحضرة قدم و لا عين أعني الإمكان و هذا مقام وراء طور العقل لأن العقل يحكم في مثل هذا بالإمكان و الأمر في نفسه ليس كذلك و لكن إذا شهده قبله و إذا فكر فيه أدخله تحت الإمكان و يختص هذا المنزل من العلوم بعلم الإيهام و الإبهام و الرموز و الألغاز و الأسرار و فيه علم الحروف المركبة التي هي الكلمة و فيه علم الأنوار و ما يختص به عالم الشهادة من الشهود و فيه علم الجعل و فيه علم الجمع و التفصيل و فيه علم منازل العلو في الأسماء الإلهية و أحكامها و فيه علم الإعجاز و فيه علم التقرير و فيه علم نتائج الجهل و هو أمر عدمي فكيف يكون له حكم وجودي و فيه علم مقابلة الاقتدار بالاقتدار و فيه علم سريان وجود الحق في العالم و لهذا ما أنكره أحد و إنما وقع الغلط من طلب الماهية فادى إلى الاختلاف فيه الذي ظهر في العالم و فيه علم ما يختص به الحق تعالى لنفسه من غير أن يكون له حكم في العالم و فيه علم الشرائع كلها و أنها بالجعل و لهذا تجري إلى أمد و غايتها حكم الحق بها في القيامة في الفريقين فإذا عمرت الداران و انقضى أمد العقوبة انتشر حكم الرحمة و فيه علم الشفع و الوتر و تقدم علم الزوج على الفرد و علم الحامل و المحمول و علم شمول النعم في البلايا و الرزايا و الأمور المؤلمة و فيه علم نفي الطاقة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية