و لم يقل في العالم و لو لم تعترض الملائكة ما ابتليت بالسجود فكان ما ابتلوا به عن إغضاب دقيق خفي لا يشعر به إلا الراسخون في العلم : و هكذا كل انتقام إلهي يقع بالعالم لا يكون إلا بعد إغضاب لأن اللّٰه خلق العالم بالرحمة و ليس من شأنها الانتقام كما إن الغضب من شأنه الانتقام لكنه أعني الغضب على طبقات فيظهر الانتقام على ميزانه من غير زيادة و لا نقصان و لا يقع الانتقام أبدا إلا تطهيرا لمن كان منه الإغضاب فلذلك لا يكون الانتقام إلى غير نهاية بل ينتهي الحكم به إلى أجل مسمى عند اللّٰه و تعقبه الرحمة به لأن لها الحكم الأبدي الذي لا يتناهى و من جعل باله لما ذكرناه و دقق النظر فيه رأى علما كبيرا إلهيا من سريان العدل في الحكم الإلهي و شمول الفضل و سبق الرحمة الغضب و إن الحق يجري في حكمه بما هي الحقائق عليه إذ الحقائق لا تتبدل لأنفسها و لا تتحول فهذا الذي ذكرناه في هذه المسألة من الآيات التي جاء بها الحق على لسان المترجم ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس:24]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية