ثم لتعلم بعد أن عرفتك بعلو منصبك أيها الصديق في اتباع ما شرع لك إن الناس غلطوا في الصادقين من عباد اللّٰه المثابرين على طاعة اللّٰه و اشترط من لا يعرف الأمر على ما هو عليه و لا ذاق طريق القوم إن الداعي إلى اللّٰه إذا كان يدعو إلى اللّٰه بحالة صدق مع اللّٰه أثر في نفوس السامعين القبول فلا ترد دعوته و إذا دعا بلسانه و قلبه مشحون بحب الدنيا و أغراضها و كان دعاؤه صنعة لم يؤثر في القلوب و لا تعدى الآذان فيقولون إن الكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب و إذا خرج من اللسان لم يتعد الآذان و هذا غاية الغلط فو الله ما من رسول دعا قومه إلا بلسان صدق من قلب معصوم و لسان محفوظ كثير الشفقة على رعيته راغب في استجابتهم لما دعاهم إليه هذه أحوال الرسل في دعائهم إلى اللّٰه تعالى و صدقهم و مع هذا يقول ص ﴿إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَ نَهٰاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعٰائِي إِلاّٰ فِرٰاراً وَ إِنِّي كُلَّمٰا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصٰابِعَهُمْ فِي آذٰانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوْا ثِيٰابَهُمْ وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبٰاراً﴾ و قال تعالى ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدٰاهُمْ﴾ [البقرة:272] و قال ﴿إِنَّكَ لاٰ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص:56]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية