[الطبائع و العناصر الأربعة]
فقسم من هذه الأربعة طبيعته الحرارة و اليبوسة و الثاني البرودة و اليبوسة و الثالث الحرارة و الرطوبة و الرابع البرودة و الرطوبة و جعل الخامس و التاسع من هذه الأقسام مثل الأول و جعل السادس و العاشر مثل الثاني و جعل السابع و الحادي عشر مثل الثالث و جعل الثامن و الثاني عشر مثل الرابع أعني في الطبيعة فحصر الأجسام الطبيعية بخلاف و الأجسام العنصرية بلا خلاف في هذه الأربعة التي هي الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة و مع كونها أربعا أمهات فإن اللّٰه جعل اثنين منها أصلا في وجود الاثنين الآخرين فانفعلت اليبوسة عن الحرارة و الرطوبة عن البرودة فالرطوبة و اليبوسة موجودتان عن سببين هما الحرارة و البرودة و لهذا ذكر اللّٰه في قوله تعالى ﴿وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام:59] لأن المسبب يلزم من كونه مسببا وجود السبب أو منفعلا وجود الفاعل كيف شئت فقل و لا يلزم من وجود السبب وجود المسبب
[الفلك الأطلس]
و لما خلق اللّٰه هذا الفلك الأول دار دورة غير معلومة الانتهاء إلا لله تعالى لأنه ليس فوقه شيء محدود من الأجرام يقطع فيه فإنه أول الأجرام الشفافة فتتعدد الحركات و تتميز و لا كان قد خلق اللّٰه في جوفه شيئا فتتميز الحركات و تنتهي عند من يكون في جوفه و لو كان لم تتميز أيضا لأنه أطلس لا كوكب فيه متشابه الأجزاء فلا يعرف مقدار الحركة الواحدة منه و لا تتعين فلو كان فيه جزء مخالف لسائر أجزائه عد به حركاته بلا شك و لكن علم اللّٰه قدرها و انتهاءها و كرورها فحدث عن تلك الحركة اليوم و لم يكن ثم ليل و لا نهار في هذا اليوم ثم استمرت حركات هذا الفلك فخلق اللّٰه ملائكة خمسة و ثلاثين ملكا أضافهم إلى ما ذكرناه من الأملاك الستة عشر فكان الجميع أحدا و خمسين ملكا من جملة هؤلاء الملائكة جبريل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل ثم خلق تسعمائة ملك و أربعا و سبعين و أضافهم إلى ما ذكرناه من الأملاك و أوحى إليهم و أمرهم بما يجري على أيديهم في خلقه فقالوا ﴿وَ مٰا نَتَنَزَّلُ إِلاّٰ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مٰا بَيْنَ أَيْدِينٰا وَ مٰا خَلْفَنٰا وَ مٰا بَيْنَ ذٰلِكَ وَ مٰا كٰانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم:64] و قال فيهم ﴿لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ﴾ [التحريم:6] فهؤلاء من الملائكة هم الولاة خاصة و خلق اللّٰه ملائكة هم عمار السموات و الأرض لعبادته فما في السماء و الأرض موضع إلا و فيه ملك و لا يزال الحق يخلق من أنفاس العالم ملائكة ما داموا متنفسين
[خلق الدار الدنيا]
و لما انتهى من حركات هذا الفلك الأول و مدته أربع و خمسون ألف سنة مما تعدون خلق اللّٰه الدار الدنيا و جعل لها أمدا معلوما تنتهي إليه و تنقضي صورتها و تستحيل من كونها دارا لنا و قبولها صورة مخصوصة و هي التي نشاهدها اليوم إلى أن تبدل
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية