[التشهد بلسان الكمال]
فيتشهد بلسان الكمال و هو الأول للسالك فيقول التحيات لله أي تحيات كل محى و محى بها في جميع العالم و النسب الإلهية كلها لله أي من أجل اللّٰه الاسم الجامع الذي يجمع حقائقها و ذلك لأن كل تحية في العالم إنما هي مرتبطة بحقيقة إلهية كانت ما كانت فمتى ما لم يجمع الإنسان بنيته و قلبه كما جمع بلفظة التحيات بقوته من الحقائق الإلهية كلها إلا الحقيقة الواحدة المشروعة له في تحيته من حيث ما هو مقيد بها من جهة شرعه خاصة لم يستبر لنفسه في كمال صلاته و قوله الزاكيات لله يقول التحيات المطهرات الناميات أي التي ينمي خيرها على قائلها من الحقائق الإلهية التي أوجدت تلك التحيات بحسب ما تعطيه أسماؤها ثم يقول السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته بالألف و اللام التي للجنس لا التي للعهد فيكون سلامه على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم مثل تحياته للشمول و العموم أي بكل سلام و هذا يؤذن بأن العبد قد انتقل من مشاهدة ربه من حيث الإطلاق أو أمر ما من الأمور التي كان فيها في سجوده إلى مشاهدة الحق في النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فلما قدم عليه بالحضور سلم عليه مخاطبا مواجهة بالنبوة لم يسلم عليه بالرسالة فإن النبوة في حق ذات النبي أعم و أشرف فإنه يدخل فيها ما اختص به في نفسه و ما أمر بتبليغه لأمته الذي هو منه رسول فعم و عرف ما ينبغي أن يخاطب به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك الحضور و أيه به من غير حرف نداء يؤذن ببعد لما هو عليه من حال قربه و لهذا جاء بحرف الخطاب ثم عطف بعد السلام عليه بالرحمة الإلهية لشمولها الامتنان و الوجوب فأضافها إلى اللّٰه لما رزقه صلى اللّٰه عليه و سلم من السلامة من كل ما يشنؤه في مقامه ذلك و عطف بالبركات المضافة إلى الهوية و البركات هي الزيادة و قد أمر أن يقول ﴿رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية