فكان ينبغي في هذه المسألة و أمثالها أن لا يتصور خلاف و لكن اللّٰه جعل هذا الخلاف رحمة لعباده و اتساعا فيما كلفهم به من عبادته لكن فقهاء زماننا حجروا و ضيقوا على الناس المقلدين للعلماء ما وسع الشرع عليهم فقالوا للمقلد إذا كان حنفي المذهب لا تطلب رخصة الشافعي فيما نزل بك و كذلك لكل واحد منهم و هذا من أعظم الرزايا في الدين و الحرج و اللّٰه يقول ﴿مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج:78] و الشرع قد قرر حكم المجتهد له في نفسه و لمن قلده فأبوا فقهاء زماننا ذلك و زعموا أن ذلك يؤدي إلى التلاعب بالدين و هذا غاية الجهل منهم فليس الأمر و اللّٰه كما زعموا مع إقرارهم على أنفسهم أنهم ليسوا بمجتهدين و لا حصلوا في رتبة الاجتهاد و لا نقلوا عن أئمتهم إنهم سلكوا هذا المسلك فأكذبوا أنفسهم في قولهم إنهم ما عندهم استعداد الاجتهاد و الذي حجروه على المقلدين ما يكون إلا بالاجتهاد نعوذ بالله من العمي و الخذلان فما أرسل اللّٰه رسوله ﴿إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107] و أي رحمة أعظم من تنفيس هذا الكرب المهم و الخطب الملم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية