فإن نسي الإنسان ركنا فإنه *** يعيد و يقضي ما تضمن و احتوى
و إن لم يكن ركنا و عطل سنة *** فلم يأنس الزلفى و ما بلغ المنى
و ذلك في كل العبادات شائع *** و ليس جهول بالأمور كمن دري
فهذا طهور العارفين فإن تكن *** من أحزابهم تحظى بتقريب مصطفى
إذا كان هذا ظاهر الأمر فالذي *** توارى عن الأبصار أعظم منتشى
[الطهارة المعنوية و الحسية]
اعلم أيدنا اللّٰه و إياك بروح منه أنه لما كانت الطهارة النظافة علمنا أنها صفة تنزيه و هي معنوية و حسية طهارة قلب و طهارة أعضاء معينة فالمعنوية طهارة النفس من سفساف الأخلاق و مذمومها و طهارة العقل من دنس الأفكار و الشبه و طهارة السر من النظر إلى الأغيار و طهارة الأعضاء فاعلم إن لكل عضو طهارة معنوية ذكرناها في كتاب التنزلات الموصلية في أبواب الطهارة منه و طهارة الحس من الأمور المستقذرة التي تستخبثها النفوس طبعا و عادة و هاتان الطهارتان مشروعتان
[الطهارة الحسية:أنواعها،أسماؤها،أدواتها]
فالطهارة الحسية الظاهرة نوعان النوع الواحد قد ذكرناه و هو النظافة و النوع الآخر أفعال معينة مخصوصة في محال معينة مخصوصة لأحوال موجبة مخصوصة لا يزاد فيها و لا ينقص منها شرعا و لهذه الطهارة المذكورة ثلاثة أسماء شرعا وضوء و غسل و تيمم و تكون هذه الطهارة بثلاثة أشياء اثنان مجمع عليهما و واحد مختلف فيه فالمجمع عليهما الماء الطلق و التراب سواء فارق الأرض أ و لم يفارقها و الواحد المختلف فيه في الوضوء خاصة نبيذ التمر و ما فارق الأرض مما ينطلق عليه اسم الأرض إذا كان في الأرض فإنه مختلف فيه ما عدا التراب كما ذكرنا و هذه الطهارة قد تكون عبادة مستقلة كما قال صلى اللّٰه عليه و سلم فيها ﴿نُورٌ عَلىٰ نُورٍ﴾ [النور:35] و قد تكون شرطا في صحة عبادة مشروعة مخصوصة لا تصح تلك العبادة شرعا إلا بوجودها أو الأفضلية فالأول كالوضوء على الوضوء نور على نور و الثاني لرفع المانع عن فعل العبادة التي لا تصح لا بهذه الطهارة و استباحة فعلها و هو الأصل في تشريعها و مما تقع به هذه الطهارة ما يكون رافعا للمانع مبيحا للفعل معا و هو الماء بلا خلاف و نبيذ التمر في الوضوء بخلاف و منه ما تقع به الإباحة للفعل المعين في الوقت المفروض وقوعه و لا يرفع المانع بخلاف و هو التراب و عندي إنه يرفع المانع في الوقت و لا بد و كون الشارع حكم بالطهارة إذا وجد الماء حكم آخر منه كما عاد حكم المانع بعد ما كان ارتفع و ما عدا التراب مما فارق الأرض بخلاف قال اللّٰه تعالى ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاٰةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ﴾ [المائدة:6] بنصف اللام و خفضه إلى الكعبين
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية