و «في صحيح الخبر عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن اللّٰه عزَّ وجلَّ يقول اللّٰه عزَّ وجلَّ كذبني ابن آدم و لم يكن ينبغي له ذلك و شتمني ابن آدم و لم يكن ينبغي له ذلك» الحديث «فلا أحد أصبر على أذى من اللّٰه كذا ورد أيضا في الخبر» و هو سبحانه يرزقهم و يحسن إليهم و هم في حقه بهذه الصفة
[السبب الموجب لتكبر الثقلين دون سائر الموجودات]
فاعلم إن السبب الموجب لتكبر الثقلين دون سائر الموجودات إن سائر المخلوقات توجه على إيجادهم من الأسماء الإلهية أسماء الجبروت و الكبرياء و العظمة و القهر و العزة فخرجوا أذلاء تحت هذا القهر الإلهي و تعرف إليهم حين أوجدهم بهذه الأسماء فلم يتمكن لمن خلق بهذه المثابة أن يرفع رأسه و لا إن يجد في نفسه طعما للكبرياء على أحد من خلق اللّٰه فكيف على من خلقه و قد أشهده أنه في قبضته و تحت قهره و شهدوا كشفا نواصبهم و نواصي كل دابة بيده في القرآن العزيز ﴿مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا﴾ ثم قال متمما ﴿إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود:56] و الأخذ بالناصية عند العرب إذلال هذا هو المقرر عرفا عندنا فمن كان حاله في شهود نظره إلى ربه أخذ النواصي بيده و يرى ناصيته من جملة النواصي كيف يتصور منه عز أو كبرياء على خالقه مع هذا الكشف و أما الثقلان فخلقهم بأسماء اللطف و الحنان و الرأفة و الرحمة و التنزل الإلهي فعند ما خرجوا لم يروا عظمة و لا عزا و لا كبرياء و رأوا نفوسهم مستندة في وجودها إلى رحمة و عطف و تنزل و لم يبد اللّٰه لهم من جلاله و لا كبريائه و لا عظمته في خروجهم إلى الدنيا شيئا يشغلهم عن نفوسهم أ لا تراهم في الأخذ الذي عرض لهم من ظهورهم حين قال لهم ﴿أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف:172] هل قال أحد منهم نعم لا و اللّٰه بل ﴿قٰالُوا بَلىٰ﴾ [الأنعام:30] فأقروا له بالربوبية لأنهم في قبضة الآخذ محصورون فلو شهدوا أن نواصيهم بيد اللّٰه شهادة عين أو إيمان كشهادة عين كشهادة الأخذ ما عصوا اللّٰه طرفة عين و كانوا مثل سائر المخلوقات
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية