إذا كنت إمام قوم فدعوت فلا تخص نفسك بالدعاء دونهم فإنك إن فعلت ذلك فقد خنتهم و فيه من مذام الأخلاق بتبخيل الحق و تحجير الرحمة التي وسعت كل شيء و إيثار نفسك على غيرك و أن اللّٰه ما مدح في القرآن إلا من آثر على نفسه «سمع رسول اللّٰه ﷺ رجلا من الأعراب يقول اللهم ارحمني و محمدا و لا ترحم معنا أحدا فقال رسول اللّٰه ﷺ لقد حجر هذا واسعا» يريد قوله تعالى ﴿وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156] و الذي أوصيك به إياك أن تصلي و أنت حاقن حتى تخفف و إذا حضر الطعام و أقيمت الصلاة فابدأ بالطعام ثم تصلي بعد ذلك أن كنت ممن يتناوله بعد الصلاة فحينئذ تفعل ذلك و ارغب في دعاء الوالدين و دعاء المسافر و اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين اللّٰه حجاب و عليك بالاستحداد و هو حلق العانة و تقليم الأظفار و نتف الإبط و قص الشارب و إعفاء اللحية و رد السلام و تشميت العاطس و إجابة الداعي و عليك بالعدل في أمورك كلها و المحافظة على عبادة اللّٰه و كسر الشهوتين و تعاهد المساجد للصلاة و البكاء من خشية اللّٰه و الاعتصام بحبل اللّٰه و عليك بمحاب اللّٰه و مراضيه فاتبعها فمنها تعاهد المساجد و عليك بصيام داود عليه السّلام فهو أحب الصيام إلى اللّٰه و أفضله و أعدله و هو صيام يوم و فطر يوم و قد ذكرنا ما يختص من الأسرار و الفوائد بالصوم في باب الصوم من هذا الكتاب و كذلك في الطهارة و الصلاة و الزكاة و الحج فلتنظر هناك و أحب الصلاة إلى اللّٰه بالليل صلاة داود كان ينام نصف الليل و يقوم ثلثه و ينام سدسه و ذلك هو التهجد و إن كان لك ولد فسمه عبد اللّٰه أو عبد الرحمن و كنه أبا محمد أو سمع محمدا و كنه بأبي عبد اللّٰه أو بأبي عبد الرحمن و إذا عملت عملا من الخير فداوم عليه و إن قل فهو أفضل فإن اللّٰه لا يمل حتى تملوا فإن في قطع العمل و عدم المداومة عليه قطع الوصل مع اللّٰه فإن العبد لا يعمل عملا إلا بنية القربة إلى اللّٰه و حينئذ يكون عملا مشروعا فمتى تركه فقد ترك القربة إلى اللّٰه و من أراد أنه لا يزال في حال قربة من اللّٰه دائما فعليه بالحضور الدائم مع اللّٰه في جميع أفعاله و تروكه فلا يعمل عملا إلا و هواه مؤمن بما لله فيه من الحكم و لا يترك عملا إلا و هو مؤمن بما في تركه من الحكم لله فإذا كان هذا حاله فلا يزال في كل نفس مع اللّٰه و هو الذي يحرم ما حرم اللّٰه و يحل ما أحل اللّٰه و يكره ما كره اللّٰه و يبيح ما أباح اللّٰه فهو مع اللّٰه في كل حال و احذر من الإلحاد في آيات اللّٰه و من الإلحاد في حرم اللّٰه إن كنت فيه و الإلحاد الميل عن الحق شرعا و لذلك قال ﴿وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحٰادٍ﴾ [الحج:25]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية