يا أخي و ما أوصيتك في هذه الوصية بشيء أستنبطه من نفسي فإني لا أحكم على اللّٰه بأمر في حق أحد فما أوصيتك في هذه الوصية إلا بما أوصاك به اللّٰه تعالى أو رسوله ﷺ إما معينا فاذكره على التعيين و إما مجملا فافصله لك غير ذلك ما أقول به و إياك يا أخي أن تزكي على اللّٰه أحدا فإن اللّٰه قد نهاك عن ذلك في قوله ﴿فَلاٰ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [ النجم:32] أي أمثالكم ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقىٰ﴾ [ النجم:32] و لكن قل أحسبه كذا أو أظنه كذا كما أمرك به رسول اللّٰه ص «قال و لا أزكي على اللّٰه أحدا» فإنه من الأدب مع اللّٰه عدم التحكم عليه في خلقه إلا بتعريفه و إعلامه و ما هذا من قوله ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّٰاهٰا﴾ [الشمس:9] فإن ذلك تحلية النفس و تطهيرها من مذام الأخلاق و إتيان مكارمها و اعلم «أن الايمان بضع و سبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق و أعلاها لا إله إلا اللّٰه» و ما بينهما هو على قسمين من اللّٰه عمل و ترك أي مأمور به و منهي عنه فالمنهي عنه هو الذي يتعلق به الترك و هو قوله لا تفعل و المأمور به هو الذي يتعلق به العمل و هو قوله افعل ﴿وَ مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:7]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية