(وصية)
و عليك بملازمة ما افترضه اللّٰه عليك على الوجه الذي أمرك أن تقوم فيه فإذا أكملت نشأة فرائضك و إكمالها فرض عليك حينئذ تتفرغ ما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت و لا تحقر شيئا من عملك فإن اللّٰه ما احتقره حين خلقه و أوجده فإن اللّٰه ما كلفك بأمر إلا و له بذلك الأمر اعتناء و عناية حتى كلفك به مع كونك في الرتبة أعظم عنده فإنك محل لوجود ما كلفك به إذ كان التكليف لا يتعلق إلا بأفعال المكلفين فيتعلق بالمكلف من حيث فعله لا من حيث عينه
[إن العبد إذا ثابر على أداء الفرائض فإنه تقرب إلى اللّٰه بأحب الأمور المقربة إليه]
و اعلم إنك إذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى اللّٰه بأحب الأمور المقربة إليه و إذا كنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق و بصره فلا يسمع إلا بك و لا يبصر إلا بك فيد الحق يدك ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبٰايِعُونَكَ إِنَّمٰا يُبٰايِعُونَ اللّٰهَ يَدُ اللّٰهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح:10] و أيديهم من حيث ما هي يد اللّٰه هي فوق أيديهم من حيث ما هي أيديهم فإنها المبايعة اسم فاعل و الفاعل هو اللّٰه فأيديهم يد اللّٰه فبأيديهم بايع تعالى و هم المبايعون و الأسباب كلها يد الحق التي لها الاقتدار على إيجاد المسببات و هذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد و بصره كما كان الأمر بالعكس في حب أداء الفرائض ففي الفرض عبودية الاضطرار و هي الأصلية و في الفرع و هو النفل عبودية الاختيار فالحق فيها سمعك و بصرك و يسمى نفلا لأنه زائد كما أنك بالأصالة زائد في الوجود إذ كان اللّٰه و لا أنت ثم كنت فزاد الوجود الحادث فأنت نفل في وجود الحق فلا بد لك من عمل يسمى نفلا هو أصلك و لا بد من عمل يسمى فرضا و هو أصل الوجود و هو وجود الحق ففي أداء الفرض أنت له و في النفل أنت لك و حبه إياك من حيث ما أنت له أعظم و أشد من حبه إياك من حيث ما أنت لك و «قد ورد في الخبر الصحيح عن اللّٰه تعالى ما تقرب إلى عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته فكنت سمعه الذي به يسمع و بصره الذي به يبصر و يده التي يبطش و رجله التي بها يمشي و لئن سألني» «لأعطينه و لئن استعاذ بي لأعيذنه و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت و أنا أكره مساءته» فانظر إلى ما تنتجه محبة اللّٰه فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية و لا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض و في النفل عينه فروض و نوافل فبما فيه من الفروض تكمل الفرائض «ورد في الصحيح أنه يقول تعالى انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة و إن كان انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال اللّٰه أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه» ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم و ليست النوافل إلا ما لها أصل في الفرائض و ما لا أصل له في فرض فذلك إنشاء عيادة مستقلة يسميها علماء الرسوم بدعة قال اللّٰه تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية