اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[إن للإنسان وجهين وجها إلى ذاته ووجها إلى ربه]


فاعلم إن للإنسان وجهين وجها إلى ذاته ووجها إلى ربه ومع أي وجه توجهت إليه غبت عن الآخر غير إن هنا لطيفة أنبهك عليها وذلك إنك إذا توجهت إلى مشاهدة وجهك غبت من وجه ربك ذي الجلال والإكرام ووجهك هالك فإذا انقلبت إليه فنى عنك وجهك فصرت غريبا في الحضرة تستوحش فيها وتطلب وجهك الذي كنت تأنس به فلا تجده وإن توجهت إلى وجه ربك وتركت وجهك أقبل عليك ولم يكن لك مؤنس سواه ولا مشهود إلا إياه فإذا انقلبت إليه الانقلاب الخاص الذي لا بد لكل إنسان منه وجدت من كان لك قبل هذا الانقلاب أنيسا وجليسا وصاحبا ففرحت بلقائه وعاد الأنس أعظم وتتذكر الأنس الماضي فتزيد أنسا إلى أنس وترى عنده وجه ذاتك ولا تفقده فتجمع بين الوجهين في صورة واحدة فيتحد الأنس لاتحاد الوجهين فيعظم الابتهاج والسرور وهذه حالة برزخية بين حالتين لكونها جمعت بين الطرفين فمن جمع بينهما في الدنيا حرم ذلك في الآخرة
كالمنافق فإنه برزخ بين المؤمن والكافر فإذا انقلب تخلص إلى أحد الطرفين وهو طرف الكفر ولم يتخلص للإيمان فلو تخلص هنا إلى الايمان ولم يكن برزخا كان إذا انقلب إلى الله كما ذكرناه من جمعه بين الطرفين فاحذر هنا من صفة النفاق فإنها مهل