«ذلك» الخالق المدبِّر «عالم الغيب والشهادة» أي ما غاب عن الخلق وما حضر «العزيز» المنيع في ملكه «الرحيم» بأهل طاعته.
وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ فَلا يُبْصِرُونَ (27)
[ جميع الحواس لا تخطئ أبدا ]
إن العين لا تخطئ أبدا ، لا هي ولا جميع الحواس ، فإن إدراك الحواس إدراك ذاتي ، ولا تؤثر العلل الظاهرة العارضة في الذاتيات ، وإدراك العقل على قسمين : إدراك ذاتي هو فيه كالحواس لا يخطئ ، وإدراك غير ذاتي ، وهو ما يدركه بالآلة التي هي الفكر وبالآلة التي هي الحس ، فالخيال يقلد الحس فيما يعطيه ، والفكر ينظر في الخيال فيجد الأمور مفردات فيحب أن ينشئ منها صورة يحفظها العقل ، فينسب بعض المفردات إلى بعض ، فقد يخطئ في النسبة الأمر على ما هو عليه وقد يصيب ، فيحكم العقل على ذلك الحد فيخطئ ، فالعقل مقلد ، ولهذا اتصف بالخطإ ، وقد حصرت الآيات في السمع والبصر ، فإما شهود وإما خبر .
------------
(27) الفتوحات ج 2 /
628 - ج 3 /
351
( ذلك عالم الغيب والشهادة ) أي : المدبر لهذه الأمور الذي هو شهيد على أعمال عباده ، يرفع إليه جليلها وحقيرها ، وصغيرها وكبيرها - هو ) العزيز ) الذي قد عز كل شيء فقهره وغلبه ، ودانت له العباد والرقاب ، ( الرحيم ) بعباده المؤمنين . فهو عزيز في رحمته ، رحيم في عزته [ وهذا هو الكمال : العزة مع الرحمة ، والرحمة مع العزة ، فهو رحيم بلا ذل ] .
قوله تعالى: {ذلك عالم الغيب والشهادة} أي علم ما غاب عن الخلق وما حضرهم. و{ذلك} بمعنى أنا. حسبما تقدم بيانه في أول البقرة. وفي الكلام معنى التهديد والوعيد؛ أي أخلصوا أفعالكم وأقوالكم فإني أجازي عليها.
ذلك الخالق المدبِّر لشؤون العالمين، عالم بكل ما يغيب عن الأبصار، مما تُكِنُّه الصدور وتخفيه النفوس، وعالم بما شاهدته الأبصار، وهو القويُّ الظاهر الذي لا يغالَب، الرحيم بعباده المؤمنين.
{ ذَلِكَ } الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، وانفرد بالتدابير في المملكة، { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } فبسعة علمه، وكمال عزته، وعموم رحمته، أوجدها، وأودع فيها، من المنافع ما أودع، ولم يعسر عليه تدبيرها.
( ذلك عالم الغيب والشهادة ) يعني : ذلك الذي صنع ما ذكره من خلق السماوات والأرض عالم ما غاب عن الخلق وما حضر ) ( العزيز الرحيم )
(ذلِكَ عالِمُ) مبتدأ وخبره والجملة مستأنفة لا محل لها (الْغَيْبِ) مضاف إليه (وَالشَّهادَةِ) معطوفة على الغيب (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) خبران أيضا.
Traslation and Transliteration:
Thalika AAalimu alghaybi waalshshahadati alAAazeezu alrraheemu
Such is the Knower of the Invisible and the Visible, the Mighty, the Merciful,
İşte budur gizliyi de bilen, açıktakini de bilen üstün ve hüküm ve hikmet sahibi mabut.
C'est Lui le Connaisseur [des mondes] inconnus et visibles, le Puissant, le Miséricordieux,
Dieser ist Der Allwissende über das Verborgene und das Sichtbare, Der Allwürdige, Der Allgnädige.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة السجدة (As-Sajda - The Prostration) |
ترتيبها |
32 |
عدد آياتها |
30 |
عدد كلماتها |
374 |
عدد حروفها |
1523 |
معنى اسمها |
سَجَدَ: خَضَعَ، ومِنْهُ سُجُودُ الصَّلاةِ، وَالمُرَادُ (بِالسَّجْدَةِ): سَجْدَةُ التِّلاوَةِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (السَّجْدَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةِ، وَسُورَةَ (المَضَاجِعِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى فِي الكَونِ وفِي الخَلْقِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءَتُها فَجْرَ الجُمُعَةِ، فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ و ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ ...١﴾». (رَوَاهُ البُخارِيّ وَمُسْلِم).
تُستَحَبُّ قِراءَتُهَا كُلَّ لَيلَةٍ قَبلَ النَّومِ، فعَنْ جَابِـرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَى يَقرَأَ: ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ ...١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن شُبْهَةِ اخْتِلاقِ القُرْآنِ وَتَوْجِيهُ النَّبِيِّ ﷺ تِجَاهِهَا، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ٣٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (لُقْمَانَ): لَمَّا خَتَمَ سُبْحَانَهُ سُورَةَ (لُقْمَانٍ) بِذِكْرِ مَفَاتِيحِ الْغَيبِ الخَمسَةِ مُجْمَلَة؛ جَاءَ بَيَانُها فِي (السَّجْدَةِ). |