«الذي أحسن كل شيءٍ خلقه» بفتح اللام فعلا ماضيا صفة، وبسكونها بدل اشتمال «وبدأ خلق الإنسان» آدم «من طين».
وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ فَلا يُبْصِرُونَ (27)
[ جميع الحواس لا تخطئ أبدا ]
إن العين لا تخطئ أبدا ، لا هي ولا جميع الحواس ، فإن إدراك الحواس إدراك ذاتي ، ولا تؤثر العلل الظاهرة العارضة في الذاتيات ، وإدراك العقل على قسمين : إدراك ذاتي هو فيه كالحواس لا يخطئ ، وإدراك غير ذاتي ، وهو ما يدركه بالآلة التي هي الفكر وبالآلة التي هي الحس ، فالخيال يقلد الحس فيما يعطيه ، والفكر ينظر في الخيال فيجد الأمور مفردات فيحب أن ينشئ منها صورة يحفظها العقل ، فينسب بعض المفردات إلى بعض ، فقد يخطئ في النسبة الأمر على ما هو عليه وقد يصيب ، فيحكم العقل على ذلك الحد فيخطئ ، فالعقل مقلد ، ولهذا اتصف بالخطإ ، وقد حصرت الآيات في السمع والبصر ، فإما شهود وإما خبر .
------------
(27) الفتوحات ج 2 /
628 - ج 3 /
351
يقول تعالى : إنه الذي أحسن خلق الأشياء وأتقنها وأحكمها .
وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : ( الذي أحسن كل شيء خلقه ) قال : أحسن خلق كل شيء . كأنه جعله من المقدم والمؤخر .
ثم لما ذكر خلق السماوات والأرض ، شرع في ذكر خلق الإنسان فقال : ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) يعني : خلق أبا البشر آدم من طين .
قوله تعالى: {الذي أحسن كل شيء خلقه} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {خلقه} بإسكان اللام. وفتحها الباقون. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم طلبا لسهولتها. وهو فعل ماض في موضع خفض نعت لـ {شيء}. والمعنى على ما روي عن ابن عباس : أحكم كل شيء حلقه، أي جاء به على ما أراد، لم يتغير عن إرادته. وقول آخر - أن كل شيء خلقه حسن؛ لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله؛ وهو دال على خالقه. ومن أسكن اللام فهو مصدر عند سيبويه؛ لأن قوله: {أحسن كل شيء خلقه} يدل على : خلق كل شيء خلقا؛ فهو مثل: {صنع الله} النمل : 88] و{كتاب الله عليكم} النساء : 24]. وعند غيره منصوب على البدل من {كل} أي الذي أحسن خلق كل شيء. وهو مفعول ثان عند بعض النحويين، على أن يكون معنى {أحسن} أفهم وأعلم؛ فيتعّدى إلى مفعولين، أي أفهم كل شيء خلقه. وقيل : هو منصوب على التفسير؛ والمعنى : أحسن كل شيء خلقا. وقيل : هو منصوب بإسقاط حرف الجر، والمعنى : أحسن كل شيء في خلقه. وروي معناه عن ابن عباس و{أحسن} أي أتقن وأحكم؛ فهو أحسن من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها. ومن هذا المعنى قال ابن عباس وعكرمة : ليست است القرد بحسنة، ولكنها متقنة محكمة. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {أحسن كل شيء خلقه} قال : أتقنه. وهو مثل قوله تبارك وتعالى: {الذي أعطى كل شيء خلقه} طه : 50] أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة، ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان. ويجوز {خلقه} بالرفع؛ على تقدير ذلك خلقه. وقيل : هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى؛ والمعنى : حسن خلق كل شيء حسن. وقيل : هو عموم في اللفظ والمعنى، أي جعل كل شيء خلقه حسنا، حتى جعل الكلب في خلقه حسنا؛ قاله ابن عباس. وقال قتادة : في است القرد حسنة. قوله تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين} يعني آدم. {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} تقّدم في "المؤمنون" وغيرها. وقال الزجاج {من ماء مهين} ضعيف. وقال غيره{مهين} لا خطر له عند الناس.{ثم سواه} رجع إلى آدم، أي سوى خلقه. {ونفخ فيه من روحه} ثم رجع إلى ذريته فقال: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} وقيل : ثم جعل ذلك الماء المهين خلقا معتدلا، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفا. وأيضا فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله: {عبدي}. وعبر عنه بالنفخ لأن الروح في جنس الريح. وقد مضى هذا مبينا في "النساء" وغيرها. {قليلا ما تشكرون} أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون.
الله الذي أحكم خلق كل شيء، وبدأ خَلْقَ الإنسان، وهو آدم عليه السلام من طين.
{ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } أي: كل مخلوق خلقه اللّه، فإن اللّه أحسن خلقه، وخلقه خلقًا يليق به، ويوافقه، فهذا عام.
ثم خص الآدمي لشرفه وفضله فقال: { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ } وذلك بخلق آدم عليه السلام، أبي البشر.
( الذي أحسن كل شيء خلقه ) قرأ نافع وأهل الكوفة : " خلقه " بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها ، أي : أحسن خلق كل شيء ، قال ابن عباس : أتقنه وأحكمه . قال قتادة : حسنه . وقال مقاتل : علم كيف يخلق كل شيء ، من قولك : فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه . وقيل : خلق كل حيوان على صورته لم يخلق البعض على صورة البعض ، فكل حيوان كامل في خلقه حسن ، وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه . ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) يعني آدم .
(الَّذِي) الاسم الموصول خبر رابع (أَحْسَنَ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة (كُلَّ شَيْءٍ) مفعول به مضاف إلى شيء (خَلَقَهُ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صفة شيء (وَبَدَأَ) الواو حرف عطف وماض معطوف على أحسن (خَلْقَ الْإِنْسانِ) مفعول به مضاف إلى الإنسان (مِنْ طِينٍ) متعلقان بخلق.
Traslation and Transliteration:
Allathee ahsana kulla shayin khalaqahu wabadaa khalqa alinsani min teenin
Who made all things good which He created, and He began the creation of man from clay;
Öylesine mabut ki her şeyin yaratılışını güzel ve tam yerinde yapmıştır da insanı da balçıktan yaratmaya koyulmuştur.
qui a bien fait tout ce qu'Il a créé. Et Il a commencé la création de l'homme à partir de l'argile,
ER ist Derjenige, Der alles gut machte, das ER erschuf, und Der die Erschaffung des Menschen mit Lehm begann,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة السجدة (As-Sajda - The Prostration) |
ترتيبها |
32 |
عدد آياتها |
30 |
عدد كلماتها |
374 |
عدد حروفها |
1523 |
معنى اسمها |
سَجَدَ: خَضَعَ، ومِنْهُ سُجُودُ الصَّلاةِ، وَالمُرَادُ (بِالسَّجْدَةِ): سَجْدَةُ التِّلاوَةِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (السَّجْدَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةِ، وَسُورَةَ (المَضَاجِعِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى فِي الكَونِ وفِي الخَلْقِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءَتُها فَجْرَ الجُمُعَةِ، فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ و ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ ...١﴾». (رَوَاهُ البُخارِيّ وَمُسْلِم).
تُستَحَبُّ قِراءَتُهَا كُلَّ لَيلَةٍ قَبلَ النَّومِ، فعَنْ جَابِـرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَى يَقرَأَ: ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ ...١﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَن شُبْهَةِ اخْتِلاقِ القُرْآنِ وَتَوْجِيهُ النَّبِيِّ ﷺ تِجَاهِهَا، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلۡ هُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ ...٣﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ٣٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (السَّجْدَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (لُقْمَانَ): لَمَّا خَتَمَ سُبْحَانَهُ سُورَةَ (لُقْمَانٍ) بِذِكْرِ مَفَاتِيحِ الْغَيبِ الخَمسَةِ مُجْمَلَة؛ جَاءَ بَيَانُها فِي (السَّجْدَةِ). |