و إن لم يحضر للمكاشف في هذا المنزل صورا نزلت على قلبه معاني مجردة عن المواد و عرف تفاصيلها و الحق كل شيء منها بمقامه و محله و لم يجد لذلك كلفة و لا مشقة لأنه لا غرض له مع إرادة سيده منه فهو في عالم الانفساح و الانشراح و إن ضعفت أجسامهم عن حمل بعض ما كلفوه فقد أمر أن لا يحمل إلا وسع نفسه النفس هنا عبارة عن إكمال الحس لأن النفس المعنوية لا كلفة عليها إلا إذا كانت صاحبة غرض فكلفت بما لا غرض لها فيه فلهذا لم يعذر الإنسان من حيث نفسه و يعذر من حيث حسه لخروج ذلك عن طاقته في المعهود و يتعلق بهذا المنزل طرف من العلم بنشء الملائكة و إنهم من عالم الطبيعة مخلوقون مثل الأناسي غير إنهم ألطف كما إن الجن ألطف من الإنسان مع كونهم من نار من مارجها و النار من عالم الطبيعة و مع هذا فهم روحانيون يتشكلون و يتمثلون فلو كانت الطبيعة لا تقبل ذلك لما قبله عالم الجن و كيف ينكر ذلك و معلوم قطعا إن الإنسان من عالم الطبيعة الكثيفة و فيه منها خزانة الخيال في مقدم دماغه يتخيل بها ما شاء من المحالات فكيف من الممكنات فكذلك الملائكة عليهم السلام من عالم الطبيعة و هم عمار الأفلاك و السموات و قد عرفك اللّٰه أنه ﴿اِسْتَوىٰ إِلَى السَّمٰاءِ وَ هِيَ دُخٰانٌ﴾ [فصلت:11] ﴿فَسَوّٰاهُنَّ سَبْعَ سَمٰاوٰاتٍ﴾ [البقرة:29]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية