﴿وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمٰاءِ﴾ [هود:7] و قال ﴿وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء:30] فالماء أصل العناصر و الأسطقسات و العرش الملك و ما تم الملك و كمل إلا في عالم الاستحالة و هو عالم الأركان الذي أصله الماء و لو لا عالم الاستحالة ما كان اللّٰه يصف نفسه بأنه كل يوم في شأن : فالعالم يستحيل و الحق في شأن حفظ وجود أعيانه يمده بما به بقاء عينه من الإيجاد فهو الشأن الذي هو الحق عليه و ليس لغير عالم الاستحالة هذه الحقيقة
[من استقام على الطريقة سقاه اللّٰه بماء الحقيقة]
و لما صار الماء أصلا لكل حي حياته عرضية كان من استقام سقاه اللّٰه ماء الحياة فإن كان سقي عناية كالأنبياء و الرسل حيي به من شاء اللّٰه و إن كان سقي ابتلاء لما فيه من الدعوى كان بحكم ما أريد بسقيه قال تعالى ﴿وَ أَنْ لَوِ اسْتَقٰامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنٰاهُمْ مٰاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ فهذا سقي ابتلاء
[الاستقامة انبعاث من رقدة الغفلات و قيام بحقوق الواجبات]
و إنما طلبت الاستقامة من المكلف في القيام بفرائض اللّٰه عليه فإن المكلف من جهة الحقيقة ملقى طريح عند باب سيده تجري عليه تصاريف الأقدار و ما أودع اللّٰه في حركات هذه الأكوار مما يجيء به الليل و النهار من تنوع الأطوار بين محو و إثبات لظهور آيات بعد آيات و قد جعل اللّٰه المكلف محلا للحياة و الحركات و طلب منه القيام من تلك الرقدة بما كلفه من القيام بحقه فأصعب ما يمر على العارفين أمر اللّٰه بالاستقامة و هو قوله تعالى ﴿فَاسْتَقِمْ كَمٰا أُمِرْتَ وَ مَنْ تٰابَ مَعَكَ﴾ [هود:112] ﴿وَ لاٰ تَطْغَوْا﴾ [هود:112] أي لا ترتفعوا عن أمره بما تجدونه في نفوسكم من خلقكم على الصورة الإلهية فتقولوا مثلنا لا يكون مأمورا فلا يعرف العلماء بالله هل وافق أمر اللّٰه إرادته فيهم أنهم يمتثلون أمره أو يخالفونه فلهذا صعب عليهم أمر اللّٰه و اشتد و هو «قوله عليه السّلام شيبتني هود» فإنها السورة التي نزل فيها ﴿فَاسْتَقِمْ كَمٰا أُمِرْتَ﴾ [هود:112] و أخواتها مما فيها هذه الآية أو ما في معناها فهم من ذلك على خطر
[الاستقامة نشاط لا تنضبط حدوده و طريق لا تتقيد مراتبه]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية