﴿فَاتَّقُوا اللّٰهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16] و إن أضر بدنياهم و مهما قدروا على دفع الضرر في الدين و الدنيا معا بوجه من الوجوه و عرفوه تعين عليهم في الدين أن ينصحوه في ذلك و يبينوه و المستفتي بالخيار في ذلك بحسب ما يوفقه اللّٰه إليه و الذي أقول به إن النصيحة تعم إذ هي عين الدين و هي صفة الناصح فتسري منفعتها في جميع العالم كله من الناصح الذي يستبرئ لدينه و يطلب معالي الأمور فيرى حيوانا قد أضر به العطش و قد حاد ذلك الحيوان عن طريق الماء فيتعين عليه أن يرده إلى طريق الماء و يسقيه إن قدر على ذلك فهذا من النصيحة الدينية و كذلك لو رأى من ليس على ملة الإسلام يفعل فعلا من سفساف الأخلاق تعين على الناصح أن يرده عن ذلك مهما قدر إلى مكارم الأخلاق و إن لم يقدر عليه تعين عليه أن يبين له عيب ذلك فربما انتفع بتلك النصيحة ذلك الشخص بما له في ذلك من الثناء الحسن و ينتفع بتلك النصيحة من اندفع عنه ضرر هذا الذي أراد أن يضره و إن لم يكن مسلما ذلك المدفوع عنه فيتعين على صاحب الدين نصح عباد اللّٰه مطلقا و لهذا يتعين على السلطان أن يدعو عدوه الكافر إلى الإسلام قبل قتاله فإن أجاب و إلا دعاه إلى الجزية إن كان من أهل كتاب فإن أجاب إلى الصلح بما شرط عليه قبل منه يقول اللّٰه ﴿وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهٰا وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ﴾ [الأنفال:61]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية