The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Searching in the Book of Meccan Conquests

View the page 530 - from the part 2 - الفتوحات المكية

  APrevious page

Contents< /a>

Next page  
 

Page530-from part2-الفتوحات المكية


واقعة وأنا ببغداد سنة ثمان وستمائة قد فتحت أبواب السماء ونزلت خزائن المكر الإلهي مثل المطر العام وسمعت ملكا يقول ما ذا نزل الليلة من المكر فاستيقظت مرعوبا ونظرت في السلامة من ذلك فلم أجدها إلا في العلم بالميزان المشروع فمن أراد الله به خيرا وعصمه من غوائل المكر فلا يضع ميزان الشرع من يده وشهود حاله وهذه حالة المعصوم والمحفوظ فأما إرداف النعم مع المخالفة فهو موجود اليوم كثير في المنتمين إلى طريق الله وعاينت من الممكور بهم خلقا كثيرا لا يحصى عددهم إلا الله وهو أمر عام وأما إبقاء الحال مع سوء الأدب فهو في أصحاب الهمم وهم قليلون على أنا رأينا منهم جماعة بالمغرب وبهذه البلاد وهو أنهم يسيئون الأدب مع الحق بالخروج عن مراسمه مع بقاء الحال المؤثرة في العالم عليهم مكرا من الله فيتخيلون أنهم لو لم يكونوا على حق في ذلك لتغير عليهم الحال نعوذ بالله من مكره الخفي قال تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ من حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ وقال ومَكَرْنا مَكْراً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ وقال إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وأَكِيدُ كَيْداً وهو من كاد من أفعال المقاربة أي كاد إن يكون حقا لظهوره بصفة حق فهو كالسحر المشتق من السحر الذي له وجه إلى الليل ووجه إلى النهار فيظهر للممكور به وجه النهار منه فيتخيل أنه الحق نعوذ بالله من الجهل واعلم أن المكر الإلهي إنما أخفاه الله عن الممكور به خاصة لا عن غير الممكور به ولهذا قال من حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ فأعاد الضمير على المضمر في سَنَسْتَدْرِجُهُمْ وقال ومَكَرُوا مَكْراً ومَكَرْنا مَكْراً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ فمضمرهم هو المضمر في مكروا فكان مكر الله بهؤلاء عين مكرهم الذي اتصفوا به وهُمْ لا يَشْعُرُونَ ثم قد يمكر بهم بأمر زائد على مكرهم فإنه أرسله سبحانه نكرة فقال ومَكَرْنا مَكْراً فدخل فيه عين مكرهم ومكر آخر زائد على مكرهم وقد يكون المكر الإلهي في حق بعض الناس من الممكور بهم يعطي الشقاء وهو في العامة وقد يكون يعطي نقصان الحظ وهو المكر بالخاصة وخاصة الخاصة لسر إلهي وهو أن لا يأمن أحد مكر الله لما ورد في ذلك من الذم الإلهي في قوله فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ ومن خسر فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وما كانُوا مُهْتَدِينَ فأخفى المكر الإلهي وأشده سترا في المتأولين ولا سيما إن كانوا من أهل الاجتهاد وممن يعتقد أن كل مجتهد مصيب وكل من لا يدعوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ وعلم قطعي فما هو صاحب أتباع لأن المجتهد مشرع ما هو متبع إلا على مذهبنا فإن المجتهد إنما يجتهد في طلب الدليل على الحكم لا في استنباط الحكم من الخبر بتأويل يمكن أن يكون المقصود خلافه فإذا أمكن فليس صاحبه ممن هو على بصيرة وإن صادف الحق بالتأويل فكان صاحب أجرين بحكم الاتفاق لا بحكم القصد فإنه ليس على بصيرة وإن لم يصادف الحق كان له أجر طلب الحق فنقص حظه فهذا مكر إلهي خفي بهذا العالم المتأول فإنه من المتأهلين أن يدعو إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ بتعليم الله إياه إذا كان من المتقين فمكر العموم الإلهي في إرداف النعم على أثر المخالفات وزوالها عند الموافقات فلا يؤخذ بها فإن كان من علماء عامة الطريق فيرى إن ذلك من حكم قوة الصورة التي خلق عليها فيدعي القهر والتأثير في الحكم الإلهي بالوعيد ويرى أن عموم الحكمة أن يعطي الأسماء الإلهية حقها فيرى أن الاسم الغفار والغفور وأخواته ليس له حكم إلا في المخالفة فإن لم تقم به مخالفات لم يعط بعض الأسماء الإلهية حقها في هذه الدار ويحتج لنفسه بقول الله يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً وكذلك يفعل وهذا النظر كله لا يخطر له عند المخالفة وإنما يخطر له ذلك بعد وقوع المخالفة فلو تقدمها هذا الخاطر لمنع من المخالفة فإنه شهود والشهود يمنعه من انتهاك الحرمة الشرعية ولهذا

ورد الخبر إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا

فمنهم من يعتبر ومنهم من لا يعتبر كما قال وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فمنهم من عبده ومنهم من أشرك به فما يلزم نفوذ حكم العلة في كل معلول فلو أبقى عليهم عقلهم ما وقع منهم ما وقع كذلك لو كان المشهود له عند إرادة وقوع المخالفة للأسماء الإلهية لمنعه الحياء من المسمى أن ينتهك حرمة خطابه في دار تكليفه فالمخالف يقاوم القهر الإلهي ومن قاوم القهر الإلهي هلك فإذا أردف النعم على من هذه حالته تخيل أن ذلك بقوة نفسه ونفوذ همته وعناية الله به حيث رزقه من القوة ما أثر بها في الشديد العقاب وغاب عن الحليم وعن الإمهال‏



- Meccan conquests - page530-from the part2


 
  APrevious page

Contents< /a>

Next page  
  Conquests Mecca by Sheikh Al-Akbar Muhyiddin Ibn Al-Arabi

Page numbering corresponds to the Cairo edition (Dar al-Kutub al-Arabi al-Kubra) - known as the edition Starboard. Subheadings have been added within square brackets.

 
View doors The first chapter on knowledge Chapter Two on Transactions Chapter Four: Homes
Introductions to the book Chapter Five on Disputes Chapter Three on Circumstances Chapter Six on Maqamat (Migrations of the Pole)
Chapter One Part Two Part Three Part Four


Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!