The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Searching in the Book of Meccan Conquests

View the page 363 - from the part 2 - (الباب الثمانون ومائة في معرفة مقام الشوق والاشتياق وهو من نعوت المحبين العشاق)

  APrevious page

Contents< /a>

Next page  
 

Page363-from part2-(الباب الثمانون ومائة في معرفة مقام الشوق والاشتياق وهو من نعوت المحبين العشاق)


قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وقد قلنا بأن الخليل على دين خليله وهؤلاء الموصوفون بأنهم أعداء الله مع كون الله يحسن إليهم فذلك لجهلهم به وحجب الأسباب دونه في أعينهم فلا يعلمون إلا ما شاهدوه فمن أراد تحصيل هذا المقام وأن يكون خليلا للرحمن يجمع بين الآية في قوله لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ مع جهل الأعداء به إن الإحسان منه تعالى وهو محسن إليهم مع عداوتهم ولم يجعل في قلوبهم الشعور بذلك فينبغي للإنسان الطالب مقام الخلة أن يحسن عامة لجميع خلق الله كافرهم ومؤمنهم طائعهم وعاصيهم وأن يقوم في العالم مع قوته مقام الحق فيهم من شمول الرحمة وعموم لطائفه من حيث لا يشعرهم أن ذلك الإحسان منه ويوصل الإحسان إليهم من حيث لا يعلمون فمن عامل الخلق بهذه الطريقة وهي طريقة سهلة فإني دخلتها وذقتها فما رأيت أسهل منها ولا ألطف وما فوق لذتها لذة فإذا كان العبد بهذه المثابة صحت له الخلة وإذا لم يستطع بالظاهر لعدم الموجود أمدهم بالباطن فدعا الله لهم في نفسه بينه وبين ربه هكذا تكون حالة الخليل فهو رحمة كله ولو لا الرحمة الإلهية ما كان الله يقول وإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وما كان الله يقول حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أ ليس هذا كله إبقاء عليهم ولو لا ما سبقت الكلمة وكان وقوع خلاف المعلوم محالا ما تألمت ذرة في العالم فلا بد من نفوذ الكلمة ثم يكون المال للرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فهو في الدنيا يرزق مع الكفر ويعافي ويرحم فكيف مع الايمان والاعتراف في الدار الآخرة على الكشف كما كان في قبض الذرية فعقابهم وعذابهم تطهير وتنظيف كأمراض المؤمنين وما ابتلوا به في الدنيا من مقاساة البلايا وحلول الرزايا مع إيمانهم ثم دخول بعض أهل الكبائر النار مع إيمانهم وتوحيدهم إلى أن يخرجوا بالشفاعة ثم إخراج الحق من النار من لم يعمل خيرا قط حتى الساكنين في جهنم لهم فيها حال يستعذبونها وبهذا سمي العذاب عذابا فالخليل على عادة خليله وهوقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم المرء على دين خليله‏

أي على عادة خليله قال إمرؤ القيس‏

كدينك من أم الحويرث قبلها *** وجارتها أم الرباب بمأسل‏

يقول كعادتك فمن كانت عادته في خلق الله ما عودهم الله من لطائف مننه وأسبغ عليهم من جزيل نعمه وأعطف بعضهم على بعض فلم يظهر في العالم غضب لا تشوبه رحمة ولا عداوة لا تتخللها مودة فذلك يستحق اسم الخلة لقيامه بحقها واستيفائه شروطها لو لم يكن من عظيم الرجاء في شمول الرحمة إلا قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ فإذا استقرت الرحمة في العرش الحاوي على جميع أجسام العالم فكل ما يناقضها أو يريد رفعها من الأسماء والصفات فعوارض لا أصل لها في البقاء لأن الحكم للمستولي وهو الرحمن ف إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فابحث على صفات إبراهيم عليه السلام وقم بها عسى الله أن يرزقك بركته فإنه بالخلة قام بها ما هي أوجبت له الخلة فلهذا دللناك على التخلق بأخلاق الله وقد قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق‏

ومعنى هذا أنه لما قسمت الأخلاق إلى مكارم وإلى سفساف وظهرت مكارم الأخلاق كلها في الشرائع على الأنبياء والرسل وتبين سفسافها من مكارمها عند الجميع وما في العالم على ما يقوم عليه الدليل ويعطيه الكشف والمعرفة إلا أخلاق الله فكلها مكارم فما ثم سفساف أخلاق فبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بالكلمة الجامعة إلى الناس كافة وأوتي جوامع الكلم وكل نبي تقدمه على شرع خاص فأخبر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق لأنها أخلاق الله فالحق ما قيل فيه إنه سفساف أخلاق بمكارم الأخلاق فصار الكل مكارم أخلاق فما ترك صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في العالم سفساف أخلاق جملة واحدة لمن عرف مقصد الشرع فأبان لنا مصارف لهذا المسمى سفساف أخلاق من حرص وحسد وشره وبخل وفزع وكل صفة مذمومة فأعطانا لها مصارف إذا أجريناها على تلك المصارف عادت مكارم أخلاق وزال عنها اسم الذم وكانت محمودة فتمم الله به مكارم الأخلاق فلا ضد له كما أنه لا ضد للحق وكل ما في الكون أخلاقه فكلها مكارم ولكن لا تعرف وما أمر الله باجتناب ما يجتنب منها إلا لاعتقادهم فيها إنها سفساف أخلاق وأوحى إلى نبيه أن يبين مصارفها ليتنبهوا فمنا من علم ومنا من جهل فهذا معنى قوله إنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق وبه كان خاتما

(الباب الثمانون ومائة في معرفة مقام الشوق والاشتياق وهو من نعوت المحبين العشاق)



- Meccan conquests - page363-from the part2


 
  APrevious page

Contents< /a>

Next page  
  Conquests Mecca by Sheikh Al-Akbar Muhyiddin Ibn Al-Arabi

Page numbering corresponds to the Cairo edition (Dar al-Kutub al-Arabi al-Kubra) - known as the edition Starboard. Subheadings have been added within square brackets.

 
View doors The first chapter on knowledge Chapter Two on Transactions Chapter Four: Homes
Introductions to the book Chapter Five on Disputes Chapter Three on Circumstances Chapter Six on Maqamat (Migrations of the Pole)
Chapter One Part Two Part Three Part Four


Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!