The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل سرين من أسرار قلب الجمع والوجود

إلهيا في الإعلام أجراه الله على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنباء أنه ما يلقي الله في القلب إلا ما هو حق فيه سعادة الإنسان فإن رجع في ذلك إلى نفسه فقد أفلح وهذا معنى قول بعض العارفين بهذا المقام حيث قال ما رأيت أسهل علي من الورع كلما حاك له شي‏ء في نفسي تركته وفيه علم تعظيم ما يعظم من الأحوال في القرائن وفيه علم ما ينبغي أن يثابر عليه وفيه علم المفاضلة في الأحوال من غير نظر إلى أصحابها القائمة بهم وفيه العلم بالماهيات وفيه علم تشابه الصورتين واختلاف الحكم وفيه علم حكمة إيجاد الأئمة في العالم المضلين منهم وغير المضلين وفيه علم النداء عند البلاء ولما ذا اختص به دون النعم وفيه علم إجابة الداعين والسائلين هل يزيد المجيب على مطابقة ما وقع فيه السؤال أو لا يزيد فإن زاد فهل هو إجابة سؤال حال فإن النطق لم يكن ثم وفيه علم ارتباط العالم العلوي بالسفلي ليفيد وارتباط السفلي بالعلوي ليستفيد والمفيد هو الأعلى أبدا والمستفيد هو السفلي أبدا ولا حكم للمساحة وعلو المكان وفيه علم تأثير المحجوب في المكشوف له من أي وجه أثر فيه مع علو مرتبته وأن الحق يعضده وما عقوبة ذلك المؤثر وفيه علم الأسفار وفيه علم من وصف بالحلم مع عدم القدرة والحليم لا يكون إلا قادرا على من يحلم عليه وفيه علم أثر الخيال في الحس وأين يبلغ حكمه وفيه علم حكم المراتب على أصحابها بما يكرهون وفيه علم قيمة الأشياء ولها حضرة خاصة وأنه ما من شي‏ء إلا وله قيمة إلا الإنسان الكامل فإن قيمته ربه وفيه علم ما ينتجه الصدق ومراتب الصادقين وإن يسألوا عن صدقهم وفيه علم حضرات البركات الإلهية وفيه علم مراتب الظلم وما يحمد منه وما يذم وفيه علم الاشتراك في الأمر هل حكم ذلك الأمر في كل واحد من الشركاء على السواء أم يختلف الحكم مع الاشتراك في الأمر لاختلاف أحوال الشركاء واستعداداتهم وفيه علم صورة حضرة اجتماع الخصوم بين يدي الحاكم وفيه علم إلحاق الإناث بالذكور وفيه علم القرعة وأين يحكم بها وقول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا

وفيه علم الظلمات ولما ذا ترجع حقيقة الظلمة هل لأمر وجودي أو عدمي وفيه علم فضل التنزيه على غيره من المحامد وفيه علم الشفقة على الجنين إذا خرج والرفق به ورحمته وقول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ليس منا من لم يرحم صغيرنا

وفيه علم اليقين والشك وهل يتصف صاحب اليقين بالشك فيما هو على يقين فيه أم لا وفيه علم انفراد الحق بعلم الحق وفيه علم ما ينبغي أن ينسب إلى الله وفيه علم من في طبعه أمر ما لا يزول عن حكم طبعه وإن عرض له عارض يزيله فليس بدائم الزوال والطبع أغلب وفيه علم تغير الأحوال على الملائكة من أين حصل لهم ذلك وفيه علم العناية وطبقات العالم فيه وفيه علم الأناة والعجلة وفيه علم عموم البشارة وخصوص الإنذار إلى غير ذلك من العلوم التي يطول ذكرها فقصدنا إلى ذكر المهم منها والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الثامن والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل سرين من أسرار قلب الجمع والوجود»

إن قيل هل في وجود الكون أوسع من *** من رحمة الله فقل قلب إذا كانا

بيت الإله لإيمان يقوم به *** مع التورع والتقوى إذا زانا

يحيط بالحق علما عين صورته *** وهو العزيز الذي في عينه هانا

القلب ملكي والسكنى لخالقه *** عمري ورقبى وإيمانا وإحسانا

[إن الأنصار كلمات الله نصر الله بهم دينه وأظهره‏]

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن فنفس الله عنه بالأنصار

فكانت الأنصار كلمات الله نصر الله بهم دينه وأظهره وهذا المنزل هو منزل ذلك التنفس الرحماني وهذا المنزل عنه ظهرت جميع المنازل الإلهية كلها في العالم الذي هو كل ما سوى الله تعالى علوا وسفلا روحا وجسما معنى وحسا ظاهرا وباطنا فمنه ظهرت المقولات العشر وجاء في الخبر النبوي رائحة لما قلناه وله وجوه إلى كل جنس ونوع وشخص من العالم لا تكون لجنس آخر ولا لنوع آخر ولا لشخص آخر ولهذا المنزل صورة وروح وإمداد إلهي من حيث ما نسب الحق إلى نفسه من الصورة ولكن من باطن الصورة وحكم هذا الإمداد في الظاهر والباطن من صورة هذا المنزل لكنه في الباطن أتم ولهذا أخر الاسم الباطن عن الأول والآخر والظاهر لما عبر عن هذه النعوت الإلهية وذلك أن الأمر الإلهي في التالي أتم منه وأكمل‏

منه في المتلو الذي هو قبله ففيه ما في الأول وزيادة هكذا هي كلمات الوجود الإلهية والآخر يتضمن ما في الأول والظاهر يتضمن ما في الآخر والأول والباطن يتضمن ما في الظاهر والآخر والأول ولو جاء شي‏ء بعد الباطن لتضمن الباطن وما قبله ولكن الحصر منع أن يكون سوى هذه الأربعة ولا خامس لها إلا هويته تعالى وما ثم في العالم حكم إلا من هذه الأربعة وعلى صورة هذه الأربعة ظهر عالم الأرواح وعالم الأجسام وما ثم عالم سوى هذين فمن الإلهيات علم وإرادة وقدرة وقول عنها ظهر عالم الأرواح الخارج عن الطبيعة والطبيعة ثم أظهر عن هذه الأربعة الإلهية الطبيعة على أربع وعنها أظهر عالم الأجسام كثيفها ولطيفها كما أظهر عن هذه الأربع الإلهية من عالم التدوين والتسطير عقلا ونفسا وطبيعة وهيولى قبل ظهور الأجسام وأظهر الأركان أربعة وهي النار والهواء والماء والتراب وأظهر النشأة الحيوانية على أربعة أخلاط وجعل لهذه الأخلاط أربع قوى جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة فأقام الوجود على التربيع وجعله لنفسه كالبيت القائم على أربعة أركان فإنه الأول والآخر والظاهر والباطن فللباطن ركن الحجر الأسود فإنه يمين الله في الأرض المقبل على جهة البيعة لله فالعين تقع على الحجر والبصيرة تقع على اليمين فاليمين باطن للحجر غير ظاهر للبصر فيشرف ركن الحجر على سائر الأركان فضم حكم الباطن حكم الثلاثة النعوت التي قبل الباطن وهو المخصوص بهذا المنزل ولب هذا المنزل هو الصورة الإلهية التي منها يكون الإمداد له لب تلك الصورة وهو روحها وهو لب اللب وهو خزانة الإمداد لهذا المنزل ولهذا المنزل التحكم في العالم كله كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ في زُجاجَةٍ الزجاجة يُوقَدُ من شَجَرَةٍ هويته فهي لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ لا تقبل الجهات عن هذه الزيتونة يكون الزيت وهو المادة لظهور هذا النور فهذه أربعة مشكاة وزجاجة ومصباح وزيت والخامس الهوية وهو الزيتونة المنزهة عن الجهات وكني عنها بالشجرة من التشاجر وهو التضاد لما تحمله هذه الهوية من الأسماء المتقابلة كالمعز والمذل والضار والنافع فانظر ما أكمل العبارات الإلهية في الإخبار بما هو الأمر عليه فمن دخل هذا المنزل وفاته شي‏ء من العالم وحقائقه فما دخله وإنما خيل الشيطان له أو النفس أنه دخله وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ إذ حضرة الخيال تنشئ كل صورة وكثير من الناس يدخلون هذه الحضرة الخيالية ويشاهدون ما تجلى لهم من الصور فيزعمون أنهم شاهدوا الوجود الثابت العين على ما هو عليه ولم يكن سوى ما صوره الخيال فمن يلي بمثل هذا فليتربص قليلا فإن كان ما يشاهده روحا ثابت العين في الوجود أو محسوسا في العين فإنه يثبت ولا يتغير وإن كان خيالا فلا يثبت ويسرع إليه التغير في الحال ويرى صورة التغير فيه ويعلم أن الذي ظهر له بالتغير هو عين الأول ويرى بعضهم نفسه في صورتين وأكثر ويعلم أنه هو فبهذا يفرق بين الصور الثابتة في عينها حسا وروحا وبين الصور الخيالية وهذا ميزانها لمن لا معرفة له فقد نبهتك ونصحتك فلا تغفل عن هذا الميزان إن كنت من أهل الكشف وما جعل الله النوم في العالم الحيواني إلا لمشاهدة حضرة الخيال في العموم فيعلم إن ثم عالما آخر يشبه العالم الحسي ونبهه بسرعة استحالة تلك الصور الخيالية للنائمين من العقلاء على إن في العالم الحسي والكون الثابت استحالات مع الأنفاس لكن لا تدركها الأبصار ولا الحواس إلا في الكلام خاصة وفي الحركات وما عدا هذين الصنفين فلا تدركه صورة الاستحالات والتغيرات فيها إلا بالبصيرة وهو الكشف أو بالفكر الصحيح في بعض هذه الصور لا في كلها فإن الفكر يقصر عن ذلك وأصل ذلك كله أعني أصل التغير من صورة إلى مثلها أو خلافها في الخيال أو في الحس أو حيثما كان في العالم فإنه كله لا يزال يتغير أبد الآبدين إلى غير نهاية لتغير الأصل الذي يمده وهو التحول الإلهي في الصور الوارد في الصحيح فمن هناك ظهر في المعاني والصور

فمن معنى إلى معنى *** ومن صور إلى صور

وهو قوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ وهو ما يحدثه من التغييرات في الأكوان فلا بد أن يظهر في كل صورة تغيرها بحكم لا يكون إلا لذلك المتغير فإن فهمت فقد أبنت لك الأمر على ما هو عليه ف إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى‏ أي في تغيير العالم ذكرى بتغير الأصل لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ فإن القلب له التقليب من حال إلى حال وبه سمي قلبا فمن فسر القلب بالعقل فلا معرفة له بالحقائق فإن العقل تقييد من العقال فإن أراد بالعقل الذي هو التقييد ما نريده نحن أي ما هو مقيد بالتقليب فلا يبرح‏

يتقلب فهو صحيح كما نقول بالتمكين في التلوين فلا يزال يتلون وما كل أحد يشعر بذلك ولما علمنا أن من صفة الدهر التحول القلب والله هو الدهر وثبت أنه يتحول في الصور وأنه كل يوم في شأن واليوم قدر النفس فذلك من اسمه الدهر لا من اسم آخر إن عقلت فلو راقب الإنسان قلبه لرأى أنه لا يبقى على حالة واحدة فيعلم إن الأصل لو لم يكن بهذه المثابة لم يكن لهذا التقلب مستند فإنه بين أصبعين من أصابع خالقه وهو الرحمن فتقليب الأصابع للقلب بغير حال الإصبعين لتغير ما يريد أن يقلب القلب فيه ف

من عرف نفسه عرف ربه‏

وفي حديث الأصابع بشارة إلهية حيث أضافهما إلى الرحمن فلا يقلبه إلا من رحمة إلى رحمة وإن كان في أنواع التقليب بلاء ففي طيه رحمة غائبة عنه يعرفها الحق فإن الإصبعين أصبعا الرحمن فافهم فإنك إذا علمت ما ذكرناه علمت من هو قلب الوجود الذي يمد عالم صورته التي هو لها قلب وأجزاؤها كلها وإنه هو قلب الجمع وهو ما جمعته هذه الصورة الوجودية من الحقائق الظاهرة والباطنة فلما كان الله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ كان تقليب العالم الذي هو صورة هذا القالب من حال إلى حال مع الأنفاس فلا يثبت العالم قط على حال واحدة زمانا فردا لأن الله خلاق على الدوام ولو بقي العالم على حالة واحدة زمانين لا تصف بالغنى عن الله ولكن الناس في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ فسبحان من أعطى أهل الكشف والوجود التنزه في تقليب الأحوال والمشاهدة لمن هو كل يوم في شأن والله هو الدهر فلا فراغ لحكم هذا الدهر في العالم الأكبر والأصغر الذي هو الإنسان وهو أحد المعلومات الأربعة التي لها التأثير فالمعلوم الأول لنا الإنسان والمعلوم الثاني العالم الأكبر الذي هو صورة ظاهر العالم الإنساني والإنسان الذي هو قلب هذه الصورة ولا أريد به إلا الكامل صاحب المرتبة وهو المعلوم الثالث والمعلوم الرابع حقيقة الحقائق التي لها الحكم في القدم والحدوث وما ثم معلوم خامس له أثر سوى ما ذكرناه ويتشعب من هذا المنزل شعب الايمان وذلك بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله وما بينهما من الشعب وهذا المنزل منزل الايمان ومنه ظهر الايمان في قلب المؤمن والخاص به الاسم المؤمن من الأسماء الإلهية فمن هنا شرع المؤمن شعب الايمان وأبانها ومن هذا المنزل أخذت أمة محمد أعمارها فغاية عمر هذه الأمة المحمدية سبعون سنة لا تزيد عليها شيئا فإن زاد فما هو محمدي وإنما هو وارث لمن شاء الله من الأنبياء من آدم إلى خالد بن سنان فيطول عمره طول من ورثه ولهذا

قال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في أعمار أمته إنها ما بين الستين إلى السبعين‏

فجعل السبعين الغاية لعمر أمته فعلمنا أنه ما يريد بأمته إلا المحمديين الذين خصهم الله برتبة ما خص الله بها نبيه من الأحكام والمراتب على جميع الأنبياء إذ كنا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وكل حكم ورتبة كانت لنبي قبله وإن كانت له ووقع له فيها الاشتراك فلم يخلص له وحده وليس له الشرف الكامل إلا بما خلص له دون غيره فأمته مثله فمن كان عند انفصاله عن الدنيا أو في حاله على شرع مشترك من هذه الأمة نسبناه إلى من ظهر به أولا قبل ظهور محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ليظهر الفرق بين الأمرين ولتعرف منزلة الشخصين وإن كان ما أخذه إلا من تقرير محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإنه من أمته ولكن حكم الاشتراك يتميز عن حكم الاختصاص ومات صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وله ثلاث وستون سنة والذي يزيد على السبعين سنة بالغا ما بلغ وإن كان من أمته وممن حصل له الاختصاص المحمدي كله فإنه لا يقبض حين يقبض إلا في الشرع المشترك وما هو نقص به فإنه قد حصل حكم الاختصاص ولكن خروجه عن السبعين التي جعلها رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم غالب غاية عمر أمته المقبوضين في الحكم الاختصاصي جعله أن يفرق بينه وبين غيره من الأمة وهذا من العلوم التي لا تدرك بالرأي والقياس وإنما ذلك من علوم الوهب الإلهي وكذا ذكر أن كل واحد من الخلفاء الأربعة ما مات حتى بلغ ثلاثا وستين سنة إثباتا أنهم قبضوا في الاختصاص المحمدي لا في حكم الشرع المشترك فمن هذا المنزل تعين هؤلاء الأربعة من غيرهم وتعينت العشرة أيضا من هذا المنزل الذين هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح فهذا منزلهم الذي منه عينهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وشهد لهم بالجنة في مجلس واحد بأسمائهم فإن المشهود لهم بالجنة كثيرون لكن ليس في مجلس واحد ومقيدون بصفة خاصة كالسبعين ألفا الذين يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَيْرِ حِسابٍ وعين منهم عكاشة بن محصن ونبه بقوله بِغَيْرِ حِسابٍ أي لم يكن ذلك في حسابهم‏

ولا تخيلوه فبدا لهم خير من الله لم يكونوا يحتسبونه وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فقوله لا يسترقون أي لا يستدعون الرقية لإزالة ألم يصيبهم ولا يرقون أحدا من ألم يصيبه وجاء بالاستفعال للمبالغة وإنما رقى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم واستعمل الطب في نفسه في مرضه لأنه يتأسى به فيتأسى به الضعيف والقوي فإنه رحمة للعالم وهكذا جميع الرسل فما حكمهم حكم أممهم فلا يقدح ذلك في مقامهم فلهم المقام المجهول حيث يظهرون لأممهم بصورة القوة والضعف فلا يعرف أحد لما ذا ينسبهم من المقامات وقوله ولا يتطيرون فإن الطائر هو الحظ فهم خارجون عن حظوظ نفوسهم مشتغلون بما كلفهم الله به من الأعمال وفاء لما تستحقه الربوبية عليهم لا يبتغون بذلك حظا لنفوسهم من الأجر الذي وعد الله به على ما هم عليه من الأعمال فلم يبعثهم على العمل ما نيط به من الأجر ولكن ما ذكرناه من وفاء المقام فهذا معنى لا يتطيرون أي لا يعملون على الحظوظ وقوله ولا يكتوون فإن الاكتواء لا يكون إلا بالنار وقد عصمهم الله أن تمسهم النار فيجدون في نفوسهم أنهم لا يكتوون وتلك عصمة إلهية من حيث لا يشعرون وقوله وعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أي يتخذونه وكيلا فيتكلون عليه اتكال الموكل على الوكيل وهي معرفة وسطي جاءتهم من القصد الثاني فرأوا إن الله خلق الأشياء لهم وخلقهم له فاتخذوه وكيلا فيما خلق لهم ليتفرغوا إلى ما خلقوا له وإنما قلنا مرتبة وسطي لأن فوقها المرتبة العالية وهو القصد الأول فإن الله ما خلق شيئا من العالم كله إلا له ليسبحه بحمده وننتفع نحن بحكم العناية والتبعية والقصد الثاني هو هذا لأنه لما سوانا وسخر لنا ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ قصدان في الخلق في العالم الإنساني وغير الإنساني من يتوكل عليه في أمره كله لأنه مؤمن بأن لله تعالى في كل شي‏ء وجها ولا يقول به إلا المؤمن إذ كان غير المؤمن من الناس خاصة من يقول إن الله ما وجد عنه بطريق العلية إلا واحد ولا علم له بجزئيات العالم على التفصيل إلا بالعلم الكلي الذي يندرج فيه جميع العلم بالجزئيات فلهذا جعل التوكل في المؤمنين قال تعالى وعَلَى الله فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فجعل التوكل علامة على وجود الايمان في قلب العبد ولم يتخذه وكيلا إلا طائفة مخصوصة من المتوكلين المؤمنين الذين امتثلوا أمر الله في ذلك في قوله فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا فيتخيل من لا علم له بالوجود في الأشياء إنك صاحب المال فاتخذته وكيلا سبحانه فيما هو ملك لك وأن إضافة الأموال إليك بقوله أموالكم إضافة ملك وما علم إن تلك الإضافة إضافة استحقاق كسرج الدابة وباب الدار لا إضافة ملك والذي نراه نحن والأكابر إن الله قال لنا وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فما هو لنا فوكلناه واتخذناه وكيلا في الإنفاق الذي هو ملكنا لعلمنا بعلم الوكيل بالمصالح ومواضع الإنفاق التي لا يدخلها حكم الإسراف ولا التقتير فتولى الله الإنفاق علينا بأن ألهمنا حيث ننفق ومتى ننفق فإن النفقة على أيدينا تظهر فيدنا يد الوكيل في الإنفاق فنحن معصومون في الإنفاق لمعرفتنا بالوجوه ولأن يدنا يد حق فإنها يد الوكيل وهذا لا يعلم إلا بالكشف الإلهي فهم بهذه المثابة في التوكل وما يشعرون بذلك لأنه قال بغير حساب فهم على غير بصيرة وأفعالهم أفعال أهل البصائر عناية إلهية يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ والفضل الزيادة

[أن العالم مربوط وجوده بالواجب الوجود لنفسه‏]

واعلم أن العالم لما كان أصله أن يكون مربوطا وجوده بالواجب الوجود لنفسه كان مربوطا بعضه ببعض فيتسلسل الأمر فيه إذا شرع الإنسان ينظر في العلم به فيخرجه من شي‏ء إلى شي‏ء بحكم الارتباط الذي فيه ولا يكون هذا إلا في علم أهل الله خاصة فلا يجري على قانون العلماء الذين هم علماء الرسوم والكون فقانونهم ارتباط العالم بعضه ببعض فلهذا تراهم يخرجون من شي‏ء إلى شي‏ء وإن كان يراه عالم الرسوم غير مناسب وهذا هو علم الله ومعلوم أن المناسبة ثم ولكن في غاية الخفاء مثل قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الْوُسْطى‏ وقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فجاء بآية الصلاة وقبلها آيات النكاح والطلاق وبعدها آيات الوفاة والوصية وغير ذلك مما لا مناسبة في الظاهر بينهما وبين الصلاة وأن آية الصلاة لو زالت من هذا الموضع واتصلت الآية التي بعدها بالآيات التي قبلها لظهر التناسب لكل ذي عينين فهكذا علم أولياء الله تعالى (سئل) الجنيد عن التوحيد (فأجاب) السائل بأمر فقال له لم أفهمه أعد علي فأجابه بأمر آخر فقال السائل لم أفهمه فأجابه بأمر آخر ثم قال له هكذا هو الأمر فقال أمله علي فقال إن كنت أجريه فأنا أمليه يقول إني لا أنطق عن هوى بل ذلك علم الله لا علمي فمن علم القرآن وتحقق به علم علم أهل الله وأنه لا يدخل تحت فصول منحصرة ولا يجري على‏

قانون منطقي ولا يحكم عليه ميزان فإنه ميزان كل ميزان فلهذا المنزل من عالم الأجسام فلك الشمس من الأفلاك فسبعة فوقه منها ثلاث سماوات وفلك المنزل والأطلس الذي هو فلك البروج والكرسي والعرش المحيط وهو نهاية عالم الأجسام وتحته أيضا سبعة ثلاث سماوات وكرات الأثير والهواء والماء والأرض وبقطعها في الفلك تظهر فصول السنة وهي أربعة فصول لوجود التربيع الذي ذكرناه فإن البروج التي هي التقديرات في الفلك الأطلس مربعة قد جعلها الله على أربع مراتب نارية وترابية وهوائية ومائية لحكم الأربعة الإلهية والأربعة الطبيعية ولكل فصل ثلاثة أحكام حكمان للطرفين وحكم للوسط وبينهما أحكام في كل حركة ودقيقة وثانية وثالثة إلى ما لا يتناهى التقسيم فيها وجعل نجم السماء الثانية من جهتنا ممتزجا وهو الكاتب ولهذا أسكنه عيسى عليه السلام لأنه ممتزج من العالمين فإنه ظهر بين ملك وبشر وهما جبريل ومريم فهو روح عن روح وبشر عن بشر ولم يجعل ذلك في غيره من هذا النوع كما لم يجعل شيئا من الجواري الخنس على صورة الكاتب فهو السادس من هناك ليحصل له شرف رتبة قوله ولا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وهو الثاني من جهتنا لأن الثاني هو الباء وهو المبدع الأول بفتح الدال الظاهر عن الإنسان الذي هو ظل الصورة الإلهية الذي لم يزل فذلك هو الأول لا أولية الحق لأن أولية الحق لا تقبل الثاني فإن الواحد ليس بعدد وأول العدد الاثنان فظهر في السنة الامتزاج بظهور الفصول‏

[إن الله هو الدهر]

واعلم أن الله لما أعلمنا أنه هو الدهر ذكر لنا سبحانه أن له أياما من كونه دهرا وهي أيام الله فعين هذه الأيام أحكام أسمائه تعالى في العالم فلكل اسم أيام وهي زمان حكم ذلك الاسم والكل أيام الله وتفاصيل الدهر بالحكم في العالم وهذه الأيام تتوالج ويدخل بعضها في بعض ويغشى بعضها بعضا وهو ما نراه في العالم من اختلاف الأحكام في الزمان الواحد فذلك لتوالجها وغشيانها وتقليبها وتكررها ولهذه الأيام الإلهية ليل ونهار فليلها غيب وهو ما غاب عنا منها وهو عين حكمها في الأرواح العلوية الكائنة فوق الطبيعة والأرواح المهيمة ونهارها شهادة وهو عين حكمها في الأجسام الطبيعية إلى آخر جسم عنصري وهي ما تحت الطبيعة وسدفة هذا اليوم عين حكم هذه الأيام في الأرواح المسخرة التي تحت الطبيعة وهم عمار السموات والأرض وما بينهما وهم الصافون والتالون والمسبحون وهم على مقامات معلومة فمنهم الزاجرات والمرسلات والمقسمات والمنقيات والنازعات والناشطات والمدبرات وغير ذلك مثل السائحين والعارجين والكاتبين والراقبين كل هؤلاء تحت حكم أيام الله من حيث سدف هذه الأيام فعن غشيان نهار هذه الأيام ليلها وجدت الأرواح التي فوق الطبيعة وعن غشيان ليل هذه الأيام نهارها وجدت الأجسام التي دون الطبيعة وعن توالج ليلها بنهارها فليس بنهار خالص لحكم الليل ومشاركته وليس بليل خالص لحكم النهار ومشاركته وهذا الحال لهذه الأيام تسمى سدفا وجد عن هذا التوالج الأرواح التي دون الطبيعة ولما قسم الله أيامه هذه الأقسام جعل ليلها ثلاثة أقسام ونهارها ثلاثة أقسام فهو سبحانه ينزل لعباده في الثلث الأخير من ليل أيامه وهو تجليه فيه للأرواح الطبيعية المدبرة للأجسام العنصرية والثلث الوسط يتجلى فيه للأرواح المسخرة والثلث الأول يتجلى فيه للأرواح المهيمنة وقسم نهار هذه الأيام إلى ثلاثة أقسام يتجلى في كل قسم إلى عالم الأجسام من أجل ما هي مسبحة بحمد الله دائما ففي الثلث الأول يتجلى للأجسام اللطيفة التي لا تدركها الأبصار وفي الثلث الوسط يتجلى للأجسام الشفافة وفي الثلث الأخير يتجلى للأجسام الكثيفة ولو لا هذا التجلي ما صحت لهم المعرفة بمن يسبحونه فإن المسبح لا بد أن يكون له معرفة بمن يسبحه والمعرفة بالله لا يصح أن تكون عن فكر ولا عن خبر وإنما تكون عن تجليه لكل مسبح فمنهم العالم بذلك ومنهم من لا يعلم ذلك ولا يعلم أنه سبح عن معرفة تجل وذلك ليس إلا لبعض الثقلين وما عدا هذين فهم عارفون بمن تجلى لهم مسبحون له على الشهود أجساما عموما وأرواحا خصوصا فكل من ليس له قوة التوصيل لما يشهده فعنده العلم بمن تجلى له وكذلك من له قوة التوصيل غير أنه أمين لا يتكلم إلا عن أمر إلهي فذلك عنده العلم بمن تجلى له ومن علم إن عنده قوة التوصيل وهو نمام ينم بما شهده وسمعه وليس بأمين ينتظر أمر صاحب الأمانة فإنه لا يعلمه الحق في تجليه أنه هو وهم المنكرون له إذا تجلى لهم في الدنيا والآخرة جعلنا الله من الأمناء العالمين بمن تجلى لهم فإن قلت فالليل والنهار في اليوم ما يحدثه إلا طلوع الشمس وغروبها فما الشمس التي أظهرت الليل والنهار في أيام الله المسمى دهرا قلنا اسمه النور الذي‏

ذكر أنه نور السموات والأرض فله الطلوع والغروب علينا من خلف حجاب الإنسان المثلى الذي ذكرنا أنه ظله المخلوق على صورته الأزلي الحكم الذي نفى عنه المثلية وأثبت عين وجوده في قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ بكاف الصفة فيسمى ليله باطنا ونهاره ظاهرا فهو الباطن من حيث ليله وهو الظاهر من حيث نوره وذلك المثل الإنساني يميز طلوع هذا النور فيكون النهار وغروب هذا النور فيكون الليل وهو حكم الظاهر والباطن في العالم وقد قررنا أنه لكل اسم في العالم حكم قبل هذا فالدهر من حيث عينه يوم واحد لا يتعدد ولا ليل له ولا نهار فإذا أخذته الأسماء الإلهية عينت بأحكامها في هذا اليوم الأزلي الأبدي الذي هو عين لدهر الأيام الإلهية التي أمر المذكر أن يذكرنا بها لنعرفها من أيام الزمان وأنه إذا أخذ الاسم النور في وجود الظل المثلى المنزه وفي طلوعه على من فيه من العالم سمي العالم الذي في هذا المثل ذلك الطلوع إلى وقت غروبه عنهم نهارا ومن وقت غروبه عنهم سموه ليلا وذلك النور غير غائب عن ذلك الظل كما إن الشمس غير غائبة عن الأرض في طلوعها وغروبها وإنما تطلع وتغيب عن العالم الذي فيها والظلام الحادث في الأرض إنما هو ظلال اتصالات ما فيها من العالم فهو على الحقيقة ظل يسمونه ظلاما والذين يسمونه ظلاما ممن ليس له هذا الكشف يجعل ذلك ظل الأرض لما هي عليه من الكثافة وهي في المثل الظلي الإلهي ظل أعيان عمرته لا غير فاعلم ذلك‏

[أحكام الأيام الإلهية]

ثم جعل الله هذه الأيام المعلومة عندنا التي أحدثتها حركة الأطلس والليل والنهار اللذين أحدثتهما حركة القلب أعني الشمس ليقدر بها أحكام الأيام الإلهية التي للأسماء فهي كالموازين لها يعرف بها مقادير تلك الأيام فقال وإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فإذا ضربت ثلاثمائة يوم وستين يوما في ألف سنة فما خرج لك بعد الضرب من العدد فهو أيام التقدير التي ليوم الرب فينقضي ثم ينشئ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير اسم الرب وكذلك يضرب ثلاثمائة يوم وستين يوما في خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فما خرج لك بعد الضرب من الأيام فهو أيام التقدير التي ليوم ذِي الْمَعارِجِ من الأسماء الإلهية فإذا انقضى ذلك اليوم أنشأ في الدهر يوما آخر لاسم آخر غير الذي لذي المعارج هكذا الأمر دائما فلكل اسم إلهي يوم وإنما ذكرنا هذين اليومين يوم الرب ويوم ذي المعارج لكونهما جاءا في كتاب الله فلا يقدر المؤمنون بذلك على إنكارهما وما لم يرد إلا على ألسنتنا فلهم حكم الإنكار في ذلك بل الأمر كما ذكرناه أنه ما من اسم إلهي مما يعلم ويجهل إلا وله يوم في الدهر وتلك أيام الله والكل على الحقيقة أيام الله ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فإذا نزلنا من الأسماء الإلهية إلى يوم العقل الأول قسمه حكمه في النفس الكلية إلى ليل ونهار فليل هذا اليوم عند النفس أعراض العقل عنها حين يقبل على ربه بالاستفادة ونهاره عند هذه النفس حين يقبل عليها بالإفادة فهو يومها وجعل الله من هذا الحكم في النفس قوتين قوة علمية وهي ليلها في العالم الذي دونها وقوة عملية وهي النهار في العالم الذي دونها وهو المسمى غيبا وشهادة وحرفا ومعنى ومعقولا ومحسوسا فهذا الحكم في النفس يوم لا نهار فيه ولا ليل وهو في العالم نهار وليل وكذلك يوم الهيولى الكل ليلها جوهرها ونهارها صورتها وهي في نفسها يوم لا ليل فيه ولا نهار وشمس كل ليل ونهاره هو المعنى المظهر لهذا الحكم الذي به ينسب إلى هذا اليوم ليل ونهار فإذا نزلنا إلى فلك البروج تعين في حركته اليوم وعين ذلك الكرسي الذي تقطع فيه فتعيينه من فوق لأنه لم يكن ظهر في جوفه بعد ما تعين به حركته مستوفاة فهو يوم لا نهار له ولا ليل ولا مقدار أيام من جهة مقعره وهو متماثل الأجزاء ما هو متماثل الأحكام ولما كان الكرسي هو الذي أظهر فيه تعيين الأحكام بتعيين المقادير المسماة بروجا وجعل لكل مقدار فيها ملكا معينا تعينت المقادير بتلك الأحكام التي وليها ذلك الملك المعين فإذا دار دورة واحدة سميت من جهة الكرسي يوما وكانت الكلمة في العرش واحدة مثل حكم اليوم فلما وجد الكرسي تحت العرش كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض انقسمت في الكرسي تلك الكلمة الواحدة التي هي يوم العرش فكانت قسمتها بالقدمين اللتين تدلتا إلى هذا الكرسي وهما قدم الرب وقدم الجبار فكانتا أعني هاتين القدمين ليوم العرش كالنهار والليل اللذين قسما اليوم ويوم العرش أحدية كلمته لأن أمر الله واحدة

[إن الله أوجد فلك الكواكب الثابتة]

ثم إن الله أوجد فلك الكواكب الثابتة التي ميزتها مقادير البروج ولكل كوكب منها قطع في فلك البروج فإذا قطعه الكوكب كله كان يوما واحدا من أيام ذلك الكوكب مدة قطعه وهو يقطع درجة من ثلاثمائة وستين درجة في مائة

سنة مما نعده من سنينا ثم أوجد بين هذين الفلكين الجنة وما فيها ومن العالم ما لا يحصي عددهم إلا الله ومن فلك البروج إلى آخر العالم الجسمي ظهر حكم البروج الهوائية والنارية والمائية والترابية في الفضاء الذي بين كل فلك وفلك ولا يعلم ذلك إلا بالمشاهدة والذين لا علم لهم بذلك يقولون إن الأفلاك تحت مقعر كل فلك منها سطح الذي تحته ولا علم لهم بأن بينهم فضاء فيه حكم الطبيعة كما هي في العناصر سواء غير أنها مختلفة الحكم بحسب القوابل ثم أوجد الأركان الأربعة على حكم ما هي عليه البروج التي في الفلك الأطلس لكل ركن طرفان وواسطة للثلاثة الوجوه التي في البروج فللأثير حكم الحمل والأسد والقوس فالقوس والأسد للطرفين والحمل للوسط وللتراب الثور والسنبلة والجدي فالجدي والسنبلة للطرفين والثور للوسط وللهواء الجوزاء والميزان والدالي فالميزان والجوزاء للطرفين والدالي للوسط وللماء السرطان والعقرب والحوت فالحوت للوسط والعقرب والسرطان للطرفين وإنما رتبناها هذا الترتيب لأن وجود الزمان والعالم الذي يحتوي عليه الفلك الأطلس كان بطالع الميزان وقد انتهت الدورة بالحكم إليه من أول مبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ونحن اليوم في سلطانه ولهذا كان العلم والعدل في هذه الأمة والكشف أكثر وأتم مما كان في غيرها من الأمم وكل ما مضى الأمر استحكم سلطانه وعظم الكشف حتى يظهر ذلك في العام والخاص فتكلم الرجل عذبة سوطه ويكلم الرجل فخذه بما فعل أهله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلقه الله‏

ولما خلق الله الأركان خلق منها دخانا فتق فيه سبع سماوات ساكنة غير متحركة وأَوْحى‏ في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها بأن خلق لها أفلاكا وجعلها محلا لسباحات الجواري الكنس الخنس وخلق فيها عمارا يعمرونها من الملائكة وجعل لها أبوابا تغلق وتفتح لنزول الملائكة وعروجها وأسكنها أرواح من شاء من أنبيائه وعباده وخلق في الفضاء الذي بين سطح السماء السابعة ومقعر فلك الكواكب سدرة المنتهى التي غشاها من نور الله ما غشى وخلق على سطح هذه السماء البيت الضراح وقد تقدم ذكره وذكر الملائكة التي تدخله في كل يوم ويخرج من أصل هذه السدرة أربعة أنهار تمشي إلى الجنة فإذا انتهت إلى الجنة أخرج الله منها على دار الجلال نهرين النيل والفرات اللذين عندنا في الأرض فأما النيل فظهر من جبل القمر وأما الفرات فظهر من أرزن الروم وأثر فيهما مزاج الأرض فتغير طعمهما عما كان عليه في الجنة فإذا كان في القيامة عادا إلى الجنة وكذلك يعود سيحون وجيحون ولما فتق الله هذه السموات بعد ما كانت رتقا في الدخان ومعنى الدخان أنه أصل لها وهي اليوم سماوات كما إن آدم خَلَقَهُ من تُرابٍ أي أصله وهو لحم ودم وعروق وأعصاب كما خلقنا من ماءٍ مَهِينٍ وأحدث الله الليل والنهار بخلق الشمس وطلوعها وغروبها في الأرض فأما السموات فنور ليس فيها ليل ولا نهار ومخرج الليل من كرة الأرض التي غرب عنها الشمس مخروط الشكل كشكل نور السراج كما تبصره يخرج من رأس الفتيلة فيشعل الهواء مخروط الشكل إلى أن ينتهي إلى أمد قوة اشتعاله وينقطع ويبقى الهواء الذي فوقه محترقا غير مشتعل قوى الحرارة ولما سبحت هذه الأنجم في أفلاكها جعل الله لكل كوكب يوما من أيام حركة فلك البروج سمي تلك الأيام زمانا يعد به حركة الفلك كما جعل حركة فلك البروج أياما كل حركة يوم يعد به مدة الزمان المتوهم الذي يتوهم ولا يعلم ولا يدرك وهو الدهر الذي نهينا عن سبه وقال الناهي إن الله هو الدهر

فجعله اسما من أسمائه فله الأسماء الحسنى جل وتعالى فعين لكل يوم ليلا ونهارا وفرق بين كل ليلة ونهارها بحكم الكواكب الذي هو لليوم الذي ظهر فيه الليل أو النهار فينظر لمن هي أول ساعة من النهار من الجواري فهو حاكم ذلك النهار ويطلب في الليالي فالليلة التي حكم في أول ساعة منها ذلك الكوكب الذي حكم في أول ساعة من النهار فتلك الليلة ليلة ذلك النهار وبالحساب تعرف ذلك وفتق الأرض سبعا جعل لكل أرض قبولا لنظر كوكب من الجواري إليه وقد ذكرنا ذلك كله فيما تقدم وجعل لكل كوكب قطعا في فلك البروج فإذا انتهى قطعه فذلك يوم واحد له هو يومه الذي أحدثه قطعه وجعل حركات هذه الأفلاك والأركان في الوسط لا من الوسط ولا إلى الوسط وجعل حركة عمارها إلى الوسط ومن الوسط وتحدث الأشياء عند هذه الحركات في عالم الخلق والأمر وفي الجناب الأقدس وهي آثار محسوسة ومعقولة يحكم بها دليل الشرع والعقل وهي‏

آثار أحوال كنزول الحق إلى السماء الدنيا وأعمال وأقوال كإجابة الحق من دعاه وخلق الملائكة من أعمال بنى آدم الظاهرة والباطنة وغرس الجنة من أعمال أهلها من بنى آدم ويوم شرع محمد إن كمل ليله ونهاره فهو من أيام الرب وإن لم يكمل وانقطع في أية ساعة انقطع فيها فذلك مقداره وهو من الاسم الخاذل والناصر لأن الخاذل والناصر ليس ليومهما مقدار معلوم عندنا بل ميزانه عند الله لا يعلمه إلا هو وحكمهما في كل إنسان بقدر عمر ذلك الإنسان وقدرهما في هذه الأمة بقدر بقائها في الدار الدنيا وذلك بحسب نظرها إلى نبيها محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإن نظرت إليه كمل لها يوم الرب وإن أعرضت فلها ما انقضى من مدة يوم الرب ويرجع الحكم لاسم آخر له عند الله يوم موقت لا يعلمه إلا هو ويوم هذه الأمة متصل بيوم الآخرة ليس بينهما إلا ليل البرزخ خاصة وفي فجر هذه الليلة تكون نفخة البعث وفي طلوع شمس يومه يكون إتيان الحق للفصل والقضاء وفي قدر ركعتي الإشراق‏

ينقضي الحكم فتعمر الداران بأهلهما وذلك يوم السبت فيكون نهاره أبديا لأهل الجنان ويكون ليله أبديا لأهل جهنم فإذا انقضت مدة الآلام في جهنم وهو يوم من خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ في حق قوم وأقل من ذلك في حق قوم وشفعت التسعة عشر ملكا في أهل جهنم للرحمة التي سبقت ارتفعت الآلام فراحتهم ارتفاع الآلام لا وجود النعيم فافهم وهذا القدر هو نعيم أهل جهنم إن علمت وفي هذا المنزل من العلوم علم رحمة السيادة وأين ينادى بها وبما ذا يستحقها وما حكمة كونه نداء ترخيم والترخيم التسهيل ولهذا يوصف به الحسان فيقال في المرأة الحسناء رخيمة الدلال أي سهلة وفيه علم جميع الحكم لا جميع كل شي‏ء فإن الحكم ليس لها عين إلا في الترتيب خاصة معنى وحسا وفيه علم الرسالة على اختلاف أنواعها لاختلاف الرسل فإن الأنبياء رسل والملائكة رسل والبشر رسل وتختلف الرسالة باختلاف الأحوال وكل ذلك شرائع موصلة إلى الله وإلى السعادة الدائمة لا اعوجاج فيها ولا ينبغي لأنها نزلت من عرش الرحمة مرتدية بالعزة فلا يؤثر فيها شي‏ء يخرج أممها عن حكمها فما من أمة إلا والرحمة تلحقها كما لحقتها الشريعة التي خوطبت بها وفيه علم حكمة وضع الشرائع في العالم ولما ذا وضعت في الدار الدنيا ولم توضع في الآخرة لما ذا وتوقيت ما وضع منها في الدار الآخرة أولا كالتحجير على آدم في قرب الشجرة وآخرا كدعاء الحق عباده إلى السجود يوم القيامة وبهذا الحكم الشرعي يوم القيامة يرجح ميزان أهل الأعراف فيثقل ميزانهم بهذه السجدة فينصرفون إلى الجنة بعد ما كان منزلهم في سور الأعراف ليس لهم ما يدخلهم النار ولا ما يدخلهم الجنة وفيه قوة المؤمن فيعدل من قوى الكفار قوى كثيرين ولهذا شرع لهم أن لا يفروا في قتال عدوهم وشرع لبعضهم قوة واحد لعشرة ثم خفف عنهم مع إبقاء القوة عليهم فشرع لهم لكل قوة مؤمن قوة رجلين من الكفار ولهذا

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إنه يوعك كما يوعك رجلان من أمته‏

فأعطى قوة رجلين من أمته وفيه علم رحمة وجود الغفلة والنسيان في العالم بل في هذه الأمة لما نص فيها وكذلك الخطاء وفيه علم الفرق بين القول وقول الله والقول المضاف إلى الخلق والكلمة وهل لكل قول وكلمة حق واجب في الإمضاء أو ليس ذلك إلا لخصوص قول فإن كان لخصوص قول دون كلمة فما السبب الموجب لهذا التخصيص والكل قول من حيث ما هو قول وكلمة من حيث ما هي كلمة وإذا كان في نفس الأمر الحكم للقول وهو السابق فلما ذا وقع الأخذ بالسؤال والتقرير مع العلم بأنه مجبور في اختياره وهي مسألة صعبة التصور كثيرة التفلت ولو لا وجود الآلام لهانت وما خطرت على بال وفيه علم تقييد المعاني ووجود آثار أحكامها فيمن قامت به وإلى أين ينتهي حد التقييد منها في نشأة الإنسان وفيه علم السبب الذي لأجله ترفع الوجوه والأبصار إلى الفوق يوم القيامة وفي الدنيا هل حكمهما وسببهما واحد أو مختلف وهل الرفع عن جذب من خلف أم عن اختيار وفيه علم كون الإنسان بين قضاء الله وقدره فلا يقدر يتعداهما وهل عم القضاء والقدر جهات الإنسان كلها أو ليس لهما منه إلا جهتان جهة الحادي والهادي وهما السائق والشهيد وما الذي أعمى الناس اليوم عن شهود هذين وفي الآخرة يرونهما ولم اختصا بالخلف والأمام دون سائر الجهات والشيطان له مسالك الأربع جهات فهل مكان الخلف والأمام لهما الاستشراف على اليمين والشمال بحكم اليدين اللذين لهما ولو كان لهما اليمين والشمال لتعطلت اليد الواحدة من كل واحد منهما في حق من التزماه فلا بد أن يكون لهما الخلف والأمام وفيه علم نسبة العدم والوجود إلى الممكن وهو لا يعقل إلا

بالمرجح وليس عند المرجح إلا وجه واحد من هاتين النسبتين فيرتفع الإمكان فما الصحيح في ذلك هل بقاء الإمكان أو ارتفاعه وفيه علم القوابل هل هي قوابل لكل شي‏ء أو لأشياء مخصوصة أو تتميز في القبول فيكون على صفة توجب لبعض القوابل ما تقبله مما لا تقبله وهل لما تقبله من الأمور التي تأخذها القوابل طريق واحد أم تختلف الطرق وفيه علم وصف الأجر بالعظمة والكرم لما ذا يرجع وهو علم شريف وفيه علم الموت وما معنى إحياء الموتى ومن يميتهم هل الله بلا سبب أو هل الملك وما هو ذلك الملك هل هو بعض الأخلاط التي قام بها الجسد الحيواني فإن الأخلاط من ملائكة الله أو هو ملك من ملائكة السموات وإن أضيف إلى السموات هل يضاف إلى واحدة منها بحكم أنه عن حركة ما أوحى الله فيها قوى هذا الخلط القاهر المسمى ملك الموت أو هو ملك غريب من سكان السماء السابعة وكذلك المحيي مثل المميت غير أنه تختلف السماء فإن السماء السادسة معدن الحياة ولها تقوية من كل سماء كما للموت أيضا والكلام في المحيي كالكلام في المميت أو يكون المميت هو الله من حيث إنه اسم إلهي من أسمائه وكذلك المحيي فهو المميت المحيي ولا نقدر نرفع الأسباب التي وضعها الحق فتبطل حكمة الحق فنرفع الأسباب في الاعتقاد ونقرها في الوجود في أماكنها وإسرافيل ينفخ في الصور وعزرائيل يقبض الأرواح وهذا للاستعداد الذي في هذه الصور لقبول الاشتعال فتحيا ولقبول الانطفاء فتموت وهذا الملك الموكل بنا لا بالموت هو الذي يقوي الملك الذي به وبأصحابه قامت نشأة جسد الحيوان فيميت لقوة سلطانه على بقية أصحابه ولهذا تعرف الأطباء أن الإنسان يموت بالعلامات فلو كان الملك غير ما ذكرناه ما انتهى إليه علم الأطباء فإن ذلك من خصائص علم الأنبياء ومن أعلمه الله من عباده وهل المقتول له هذا الحكم الذي للعليل في الموت أم له حكم آخر وهل للملك الموكل بنا لا بالموت هل له حكم الموت أو حكم قبض الأرواح والعروج بها وهل هو ملك واحد أو ملائكة فإن الله أضاف وفاة الأنفس إليه وإلى ملك الموت وإلى رسله فلا بد من علم هذه الإضافات وما المراد بها وهل تختلف مدارجها أو هي على مدرجة واحدة وفيه علم ما يؤول إليه الجسم بعد الموت والروح وما يبعث في نفخة البعث منهما وهل يتغير النش‏ء بالعرض أو بالصورة وفيه علم آثار الأكوان وما الحضرة التي تمسك فيها إلى وقت الحشر فيوقف أصحابها عليها وهي آثار المكلفين وهي ما صدر عنهم من الأفعال زمان التكليف لا في غير زمانه مثل النائم والمغلوب على عقله والشخص الذي لم يبلغ الحلم فلهذا قلنا زمان التكليف ولم نقل دار التكليف وفيه علم تتابع الرسل في الأمة الواحدة بخلاف هذه الأمة المحمدية فإنها ما اختلفت عليها الرسل بل إن ظهر فيها من كان رسولا التحق بها وقام بشرعها وجرت عليه أحكام شرع محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وفيه علم النصائح وكون هذه النشأة الإنسانية جبلت على البخل والكرم لها بحكم العرض ما هو لها ذاتي وإذا كانت بهذه المثابة فمن أين صح لها الأجر الكريم وليس بينها وبين الكرم نسبة ذاتية والكرم للأجر ذاتي والعظمة له ذاتية وللأجر العظيم قوم مخصوصون وللأجر الكريم قوم مخصوصون وفيه علم اختلاف أسباب البواعث على العبادة في الثقلين وغيرهما وفيه علم التسليم والتفويض إلى الله وفيه علم التمني وفائدته وصفة القائم به وفيه علم معرفة كون العالم ملكا لله تعالى من حيث ما هو ملك ومن ينازعه حتى وصف نفسه أن لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ والْأَرْضِ وفيه علم ما يضاف إلى الله أنه منعوت بالوحدة وما سبب تكثر هذه الوحدة وما أثرها في العالم وفيه علم الكشف لما كان غيبا وفيه علم عدم القبول مع ظهور الدليل والعلم به أنه دليل وما سبب جهل من جهل إنه دليل وهل لكل معلوم دليل أم هو لبعض المعلومات وفيه علم عدم الرجعة إلى ما خرج منه وفيه علم الحضرة التي يجتمع فيها عالم لدنيا من مكلف وغير مكلف وهل يبعث غير المكلف من حيوان ونبات وحجر لتقوم به المطالبة والحجة من الله على المكلفين أو يبعثون لأنفسهم لما لهم في ذلك من الخير المعلوم عند الله ثم ما يؤول إليه أمرهم بعد البعث وفيه علم ما اختزن الله لنا في عالم السماء والأرض من المنافع وفيه علم الشكر الواجب من الشكر الذي يتبرع به الإنسان وأيهما أكمل أجرا وفيه علم السبب والحكمة التي لأجلها خلق الله من كل شي‏ء زوجين وهل من هذه الحكمة خلق آدم على صورته وفيه علم الزمان الذي يفصل به اليوم وفيه علم سكون من لا سكون له وفيه علم مناهل المسافرين وهل يحصون عددا أم لا وفيه علم اختلاف الصفات على المسافرين باختلاف طرقهم ومناهلهم وفيه علم السابق الذي يلحق والسابق الذي لا يلحق من‏

المسافرين كالشخص مع ظله لا يلحق ظله أبدا ويلحقه ظله وغير ذلك من المسافرين وهو علم شريف يتضمن جميع الأسفار الإلهية والكونية والعلوية والسفلية وهو علم عزيز المنال بعيد المدرك لا يتفطن له كل أحد وأما الإحاطة به فلا تعلم إلا بإعلام الله ولا يصح الإعلام بها على التفصيل فإنها أسفار لا نهاية لها وفيه علم الطرق التي يسلك فيها كل مسافر وفيه علم الأسباب التي تحول بين بعض المسافرين وبين ما قصدوه في سفرهم والفرق بين السفر الاختياري والجبري وفيه علم زمان الدنيا العام الذي يكون بعد انقضائه القيامة الكبرى وفيه علم زمان عمر الحيوان والمولدات وقيامتهم الصغرى بانقضاء مدتهم والفرق بين هذين الحشرين‏

فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال من مات فقد قامت قيامته‏

فحشرهم إلى البرزخ قيامة وفيه علم صفات ترجى الرحمة التي تسأل الرحمة بلسانها وفيه علم السبب الموجب الذي لأجله أعرض من أعرض عن النظر في الدلالات العقلية التي جاءت بها الرسل والتي لم تجي‏ء بها من الآيات المعتادة وهل تختلف دلالتها وما صورة دلالتها وهل يختلف مدلولها باختلاف قصد الدال أو قصد الذي يحرك الدال للنظر في الدليل كالرسول يجي‏ء بالدلالة على صدقه في كونه رسولا وتلك الدلالة بعينها تكون دلالة على وجود الحق وعجز الخلق وفيه علم التأسي بالله فيما ذمه الله هل يذم صاحبه من جهة لسان الحقيقة أو لا يذم إلا بلسان الشرع وفيه علم ما يقبض عليه الإنسان هل يبقى عليه في البرزخ ويحشر عليه أم يتغير عليه الحال أو يقبض على ما يبدو له عند كشف الغطاء قبل القبض أو هل عين القبض هو عين الكشف للغطاء وفيه علم رد السائل هل رده عن سؤاله جواب له عن سؤاله أم لا وفيه علم السبب الموجب للاسراع لمن ناداه الحق هل هو إسراع جبر أو إسراع توقع جبر وفيه علم ما سبب اختلاف كلام المبعوثين من أهل القبور وفيه علم من يجيبهم في ذلك هل يجيبهم الحق أو الملائكة أو العالمون وفيه علم

ما يتجلى للذين يبعثون من قبورهم هل هو صورة واحدة أم صور مختلفة وهل ذلك المتجلي اسم إلهي أم لا وفيه علم ما السبب الذي أوجب أن يخالف ترتيب البروج وهي طبيعة ترتيب العناصر فإن ترتيب البروج كل برج بين منافر ومناسب بوجه كل واحد إذا أخذته تجده كما ذكرناه وأما الأركان فترتيبها لمناسبة ليس فيها تنافر من جميع الوجوه فالنارية الثلاثة كلها من مائية وترابية والترابية كلها من نارية وهوائية والهوائية كلها بين ترابية ومائية والمائية كلها بين هوائية ونارية والأركان ليست كذلك وفيه علم الفرق بين عندي ولدي وعندنا ولدنا ولدينا ولدني وفيه علم الفصل بين الأشياء ليتميز بعضها عن بعض وفيه علم ما يرى الرائي غير صورته وصفته كان الرائي من كان وفيه علم الاشتغال ولم سمي شغلا وعمن يشتغل وهل ثم شغل يغني عن سواه بالكلية أم لا وفيه علم الأنس بمثله إلا بمثلية لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وفيه علم إلهيات والحالات التي تكتسبها النفوس في الدار الدنيا وفيه علم الأعراس الإلهية وفيه علم ما لكل اسم إلهي من الرحمة من الأسماء التي تعطي بظاهرها ذهاب الرحمة منها وفيه علم الاستحقاق الذي يستحقه العالم من حيث ما هو عليه من الصفة فهو استحقاق الصفة لا استحقاق الموصوف وفيه علم العهد الإلهي والكوني فيما ذا وقع وفيه علم حكم المتقدم كيف ظهر في المتأخر ومن أين ظهر وفيه علم البعد الكوني من البعد الإلهي وفيه علم النطق والصمت وتعيين الناطق والصامت وزمانه ومكانه وفيه علم تبدل الصور العلية بالصور الدنية وفيه علم سبب التثبط عن النهوض مع وجود الكشف وفيه علم ما يعطيه الزمان في نشأة الإنسان وفي سائر المعادن والنبات والحيوان وفيه علم الإبهام والإيضاح وفيه علم اجتماع الكثير على إيجاد الواحد وفيه علم تمليك ما ينشئه المنشئ لكونه أنشأه وفيه علم الرياضة الإلهية والفرق بينها وبين الرياضة الكونية وفيه علم حضرة المنعم وما لها في الدنيا والآخرة في الحكم وفيه علم سبب الاعتماد على من يعلم أنه ليس ممن يعتمد عليه وفيه علم المبدأ والمعاد وفيه علم التشبيه وعكس التشبيه وما هو الأصل الذي يقع به التشبيه وفيه علم تأثير اجتماع الأضداد من العلم الإلهي ووجود النار في الماء والماء في النار وفيه علم الصفة التي أظهرت العالم في عينه وفيه علم الملكوت وأين حظه من الملك والجبروت والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!