The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الابتلاء وبركاته وهو منزل الإمام الذى على يسار القطب

يعرفه إلا الأنبياء خاصة فالحمد لله الذي من علينا بمعرفته وما رأينا ذلك إلا بكون الله امتن علينا بالاحترام التام لرسله عليه السلام وشرائعه المنزلة وعلم الصلاح يختص بهم فمكنني الله من جنى ثمرته فقد نبهتك على الطريق الموصلة إلى علم الصلاح الذي أغفل الناس طريقه وجعلوه في الطبقة الرابعة وأخذوا الطريق خطا مستقيما وطريق الحق ليس كذلك وإنما هو مستقيم الاستدارة فإن القوم جهلوا معنى الاستقامة في الأشياء ما هي فالاستقامة الدائرة أن تكون دائرة صحيحة بحيث أن يكون كل خط يخرج من النقطة إلى المحيط منها مساويا لصاحبه وسائر الخطوط كما إن الاستقامة في الشكل المربع والمثلث أن يكون متساوى الأضلاع بتساوي الزوايا كما إن الاستقامة في الشكل المثلث المتساوي الساقين أن يكون متساوى الساقين فكل شي‏ء لم يخرج عما وضع له فهي استقامته وعلم العين وعلم الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السابع عشر وثلاثمائة» في معرفة منزل الابتلاء وبركاته‏

وهو منزل الإمام الذي على يسار القطب‏

عجبت لدار قد بناها وسواها *** وأسكنها روحا كريما وأبلاها

وخربها تخريب من لا يقيمها *** فمن لي بجمع الشمل من لي ببقياها

وقد كان علا ما بما قد أقامه *** فيا ليت شعري ما الذي كان أدراها

ولم لا بناها أولا وأقامها *** إقامة باق لا يزول محياها

وما فعلت ما تستحق به الردا *** فما كان أسناها وما كان أقواها

لقد عبثت فينا وفيها يد البلى *** وبعد زمان ردها ثم علاها

ورد إليها ذلك الروح فاستوى *** على عرشها ملكا وخلد سكناها

وأورثها عدنا وخلدا عناية *** فأسكنها فردوسها ثم مأواها

[أن الحياة للأرواح المدبرة الأجسام كلها]

اعلم أيدك الله أيها الولي الحميم والصفي الكريم أن الحياة للأرواح المدبرة الأجسام كلها النارية والترابية والنورية كالضوء للشمس سواء فالحياة لها وصف نفسي فما يظهرون على شي‏ء إلا حيي ذلك الشي‏ء وسرت فيه حياة ذلك الروح الظاهر له كما يسرى ضوء الشمس في جسم الهواء ووجه الأرض وكل موضع تظهر عليه الشمس ومن هنا يعلم من هو روح العالم وممن يستمد حياته وما معنى قوله تعالى الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ثم مثل فقال مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ وهي الكوة فِيها مِصْباحٌ وهو النور إلى آخر التشبيه فمن فهم معنى هذه الآية علم حفظ الله العالم فهذه الآية من أسرار المعرفة بالله تعالى في ارتباط الإله بالمألوه والرب بالمربوب فإن المربوب والمألوه لو لم يتول الله حفظه دائما لفنى من حينه إذ لم يكن له حافظ يحفظه ويحفظ عليه بقاءه فلو احتجب عن العالم في الغيب انعدم العالم فمن هنا الاسم الظاهر حاكم أبدا وجود أو الاسم الباطن علما ومعرفة فبالاسم الظاهر أبقى العالم وبالاسم الباطن عرفناه وبالاسم النور شهدناه فإذا كانت حياة الإنسان الذي هو مقصودنا في هذا الباب لأنه باب الابتلاء وهو يعم المكلفين من الثقلين فإنه كل ما سوى الثقلين ليسوا مثلنا في حكم العبادة والتكليف فكلامي على الإنسان وحده من حيث حياته كلامي على كل ما سوى الله وكلامي ابتلائه كلامي على كل مكلف من الثقلين قال تعالى وكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ على هنا بمعنى في أي كان العرش في الماء كما إن الإنسان في الماء أي منه تكون فإن الماء أصل الموجودات كلها وهو عرش الحياة الإلهية ومن الماء خلق الله كل شي‏ء حي وكل ما سوى الله حي فإن كل ما سوى الله مسبح بحمد الله ولا يكون التسبيح إلا من حي وقد وردت الأخبار بحياة كل رطب ويابس

وجماد ونبات وأرض وسماء وهذه هي التي وقع فيها الخلاف بين أهل الكشف وغيرهم ممن ليس له كشف وبين أهل الايمان وبين من لا يقول بالشرائع أو من يتأول الشرائع على غير ما جاءت له فيقولون إنه تسبيح حال وأما ما أدرك الحس حياته فلا خلاف في حياته وإنما الخلاف في سبب حياته ما هو وفي تسبيحه بحمد ربه لما ذا يرجع إذ لا يكون التسبيح إلا من حي عاقل يعقل ذلك وما عدا الإنسان والجن من الحيوان ليس بعاقل عند المخالف بخلاف ما نعتقد نحن وأهل الكشف والايمان الصحيح وأعني بالعقل هنا العلم فالعرش هنا عبارة عن الملك‏

وكان حرف وجودي فمعناه إن الملك موجود في الماء أي الماء أصل ظهور عينه فهو للملك كالهيولى ظهر فيه صور العالم الذي هو ملك الله والعالم محصور في أعيان ونسب فالأعيان وجودية والنسب معقولة عدمية وهذا هو كل ما سوى الله ولما كان الماء أصل الحياة وكل شي‏ء حي والنسب تابعة له قرن بين العرش المجعول على الماء وبين خلقه الموت والحياة في الابتلاء فقال وكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أي يختبركم والعرش كما ذكرت لك أعيان موجودة ونسب عدمية وقال خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ فالحياة للاعيان والموت للنسب فظهور الروح للجسم حياة ذلك الجسم كظهور الشمس لاستنارة الأجسام التي ظهرت الشمس لها وغيبة الروح عن الجسم زوال الحياة من ذلك الجسم وهو الموت فالاجتماع حياة والفرقة موت والاجتماع والافتراق نسب معقولة لها حكم ظاهر وإن كانت معدومة الأعيان‏

[أن القوي كلها التي في الإنسان وفي كل حيوان إنما هي للروح‏]

واعلم أن القوي كلها التي في الإنسان وفي كل حيوان مثل قوة الحس وقوة الخيال وقوة الحفظ والقوة المصورة وسائر القوي كلها المنسوبة إلى جميع الأجسام علوا وسفلا إنما هي للروح تكون بوجوده وإعطائه الحياة لذلك الجسم وينعدم فيها ما ينعدم بتوليه عن ذلك الجسم من ذلك الوجه الذي تكون عنه تلك القوة الخاصة فافهم فإذا أعرض الروح عن الجسم بالكلية زال بزواله جميع القوي والحياة وهو المعبر عنه بالموت كالليل بمغيب الشمس وأما بالنوم فليس بإعراض كلي وإنما هي حجب أبخرة تحول بين القوي وبين مدركاتها الحسية مع وجود الحياة في النائم كالشمس إذا حالت السحب بينها وبين موضع خاص من الأرض يكون الضوء موجودا كالحياة وإن لم يقع إدراك الشمس لذلك الموضع الذي حال بينه وبينها السحاب المتراكم وكما إن الشمس إذا فارقت هذا الموضع من الأرض وجاء الليل بدلا منه ظهرت في موضع آخر بنوره أضاء به ذلك الموضع فكان النهار هنالك كما كان هنا كذلك الروح إذا أعرض عن هذا الجسم الذي كانت حياته به تجلى على صورة من الصور الذي هو البرزخ وهو بالصاد جمع صورة فحييت به تلك الصورة في البرزخ كما

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في نسمة المؤمن إنه طير أخضر

فذلك الطير كالجسم هنا صورة حييت بهذا الروح الذي كان يحيا به هذا الجسم وكما تطلع الشمس في اليوم الثاني علينا فتستنير الموجودات بنورها كذلك الروح يطلع في يوم الآخرة على هذه الأجسام الميتة فتحيا به فذلك هو النشر والبعث‏

[إن الله أوجد الصورة]

واعلم أن الصور أوجده الله على صورة القرن وسمي بالصور من باب تسمية الشي‏ء باسم الشي‏ء إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب ولما كان هذا القرن محلا لجميع الصور البرزخية التي تنتقل إليها الأرواح بعد الموت وفي النوم فيه سمي صورا جمع صورة وشكل القرن أعلاه واسع وأسفله ضيق على شكل العالم أين سعة العرش من ضيق الأرض وتنتقل القوي مع الروح إلى تلك الصورة البرزخية نوما وموتا ولهذا تكون دراكة بجميع القوي سواء فقد أعلمتك بما هو الأمر عليه ومن هنا زل القائلون بالتناسخ لما رأوا أو سمعوا أن الأنبياء قد نبهت على انتقال الأرواح إلى هذه الصور البرزخية وتكون فيها على صور أخلاقها ورأوا تلك الأخلاق في الحيوانات تخيلوا في قول الأنبياء والرسل والعلماء أن ذلك راجع إلى هذه الحيوانات التي في الدار الدنيا وإنها ترجع إلى التخليص وذكروا ما قد علمت من مذهبهم فأخطئوا في النظر وفي تأويل أقوال الرسل وما جاء في ذلك من الكتب المنزلة ورأوا النائم يقرب من هذا الأمر الذي شرعوا فيه فاستروحوا من ذلك ما ذهبوا إليه فما أتى عليهم إلا من سوء التأويل في القول الصحيح وهذا معنى قوله لِيَبْلُوَكُمْ أي يختبر عقولكم بالموت والحياة أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا بالخوض فيهما والنظر فيرى من يصيب منكم ومن يخطئ كأهل التناسخ وجعل ذلك كله دليلا واضحا ونصبه برهانا قاطعا على اسمه الحي واسمه النور واسمه الظاهر والباطن والأول والآخر ليعلم نسبة العالم من موجدة وأنه غير مستقل بنفسه وأن افتقاره إلى الله افتقار ذاتي لا ينفك عنه طرفة عين وأن النسب دائمة الحكم لبقاء وجود الأعيان وهو العزيز المنيع الحمى عن أن يدركه خلقه أو يحاط بشي‏ء من علمه إلا بما شاء وهو الغفور الذي ستر العقول عن إدراك كنهه أو كنه جلاله‏

[إن حياة الأجسام كلها من حياة الأرواح المدبرة لها]

واعلم يا ولي نور الله بصيرتك بعد أن تقرر عندك إن حياة الأجسام كلها من حياة الأرواح المدبرة لها وبانفصالها عنها يكون الموت فيزول نظامهما إذ القوي الماسكة لها زالت بزوال الروح المدبر الذي وكله الله بتدبيرها

[إن الحياة حياتان‏]

فاعلم إن الحياة في جميع الأشياء حياتان حياة عن سبب وهي الحياة التي ذكرناها ونسبناها

إلى الأرواح وحياة أخرى ذاتية للأجسام كلها كحياة الأرواح للأرواح غير إن حياة الأرواح يظهر لها أثر في الأجسام المدبرة بانتشار ضوئها فيها وظهور قواها التي ذكرناها وحياة الأجسام الذاتية لها ليست كذلك فإن الأجسام ما خلقت مدبرة فبحياتها الذاتية التي لا يجوز زوالها عنها فإنها صفة نفسية لها بها تسبح ربها دائما سواء كانت أرواحها فيها أو لم تكن وما تعطيها أرواحها إلا هيأة أخرى عرضية في التسبيح بوجودها خاصة وإذا فارقتها الروح فارقها ذلك الذكر الخاص وهو الكلام المتعارف بيننا المحسوس تسبيحا كان أو غيره فيدرك المكاشف الحياة الذاتية التي في الأجسام كلها وإذا اتفق على أي جسم كان أمر يخرجه عن نظامه مثل كسر آنية أو كسر حجر أو قطع شجر فهو مثل قطع يد إنسان أو رجله يزول عنه حياة الروح المدبر له ويبقى عليه حياته الذاتية له فإنه لكل صورة في العالم روح مدبرة وحياة ذاتية تزول الروح بزوال تلك الصورة كالقتيل وتزول الصورة بزوال ذلك الروح كالميت الذي مات على فراشه ولم تضرب عنقه والحياة الذاتية لكل جوهر فيه غير زائلة وبتلك الحياة الذاتية التي أخذ الله بأبصار بعض الخلق عنها بها تشهد الجلود يوم القيامة على الناس والألسنة والأيدي والأرجل وبها تنطق فخذ الرجل في آخر الزمان فتخبر صاحبها بما فعل أهله وبها تنطق الشجرة في آخر الزمان إذا اختفى خلفها اليهود حين يطلبهم المسلمون للقتل فتقول للمسلم إذا رأته يطلب اليهودي يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله إلا شجرة الغرقد فإنها تستر اليهودي إذا لاذ بها فلعنها رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ولا يقال إن الشجرة إنما رأفت مع من استند إليها كما يراه أصحاب الخلق الكريم فلتعلم إن حق الله أحق بالقضاء وتصريف الخلق الكريم مع الله هو الأوجب على كل مؤمن أ لا تراه يقول ولا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ في دِينِ الله وإنما كانت هذه الحياة في الأشياء ذاتية لأنها عن التجلي الإلهي للموجودات كلها لأنه خلقها لعبادته ومعرفته ولا أحد من خلقه يعرفه إلا أن يتجلى له فيعرفه بنفسه إذ لم يكن في طاقة المخلوق أن يعرف خالقه كما قال الله تعالى وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً والتجلي دائم أبدا مشاهد لكل الموجودات ظاهر ما عدا الملائكة والإنس والجن فإن التجلي لهم الدائم إنما هو فيما ليس له نطق ظاهر كسائر الجمادات والنبات وأما التجلي لمن أعطى النطق والتعبير عما في نفسه وهم الملائكة والإنس والجن من حيث أرواحهم المدبرة لهم وقواها فإن التجلي لهم من خلف حجاب الغيب فالمعرفة للملائكة بالتعريف الإلهي لا بالتجلي والمعرفة للانس والجن بالنظر والاستدلال والمعرفة لأجسامهم ومن دونهم من المخلوقات بالتجلي الإلهي وذلك لأن سائر المخلوقات فطروا على الكتمان فلم يعطوا عبارة التوصيل وأراد الحق ستر هذا المقام رحمة بالمكلفين إذ سبق في علمه أنهم يكلفون وقد قدر عليهم المعاصي وقدر على بعضهم الاعتراض فيما لم يكن ينبغي لهم كالملائكة حين قالوا أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها وجرى ما جرى في قصة آدم معهم فلهذا وقع الستر عنهم لأنهم لو عصوه بالقضاء والقدر على التجلي والمشاهدة لكان عدم احترام عظيم وعدم حياء وكانت المؤاخذة عظيمة فكانت الرحمة لا تنالهم أبدا فلما عصوه على الستر قامت لهم الحجة في المعذرة ولهذا كانت الغفلة من الرحمة التي جعلها الله لعباده والنسيان ليجدوا بذلك حجة لو اعترض عليهم ويجدون بها عذرا ولهذا ما كلف الله أحدا من خلقه إلا الملائكة والإنس والجن وما عداهم فإن دوام التجلي لهم أعطاهم الحياة الذاتية الدائمة وهم في تسبيحهم مثلنا في أنفاسنا دوام متوال من غير مشقة نجده في تنفسنا بل الأنفاس عين الراحة لنا بل لولاها لمتنا أ لا ترى المخنوق إذا حيل بينه وبين خروج نفسه مات ووجد الألم فعلى هذا الحد هو تسبيح كل شي‏ء إن فهمت فالحق على الحقيقة هو مدبر العالم كما قال تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ يعني الدلالات على توحيده فيعطي كل خلق دلالة تخصه على توحيد موجدة كما قال القائل‏

وفي كل شي‏ء له آية *** تدل على أنه واحد

وهي هذه الآيات التي يفصلها فيقسمها على خلقه بحسب ما فطرهم الله تعالى عليه فهو سبحانه روح العالم وسمعه وبصره ويده فبه يسمع العالم وبه يبصر وبه يتكلم وبه يبطش وبه يسعى إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولا يعرف هذا إلا من تقرب إلى الله بنوافل الخيرات كما

ورد في الصحيح من الأخبار النبوية الإلهية فإذا تقرب العبد



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!