The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال المرَاد

ولا يأخذون شيئا في تحقيق ذلك عن فكرهم بل ما يتعدى نطقهم ذوقهم ووجودهم فهم أهل صدق وعلم محقق لا تدخله شبهة عندهم ومن فكر فليس منهم ويصيب ويخطئ وليس صاحب الفكر بصاحب حال ولا ذوق وأما أهل الاعتبار فيكون منهم أصحاب أذواق ويعتبرون عن ذوق لا عن فكر وقد يكون الاعتبار عن فكر فيلتبس على الأجنبي بالصورة فيقول في كل واحد إنه معتبر ومن أهل الاعتبار وما يعلم أن الاعتبار قد يكون عن فكر وعن ذوق والاعتبار في أهل الأذواق هو الأصل وفي أهل الأفكار فرع وصاحب الفكر ليس من أهل الإرادة إلا في الموضع الذي يجوز له الفكر فيه إن كان ثم مما لا يمكن أن يحصل الأمر المفكر فيه إلا به بفتح الكاف فحينئذ يأخذه من بابه وهل ثم أمر بهذه المثابة لا يمكن أن ينال من طريق الكشف والوجود أم لا فنحن نقول ما ثم ونمنع من الفكر جملة واحدة لأنه يورث صاحبه التلبيس وعدم الصدق وما ثم شي‏ء إلا ويجوز أن ينال العلم به من طريق الكشف والوجود والاشتغال بالفكر حجاب وغيرنا يمنع هذا ولكن لا يمنعه أحد من أهل طريق الله بل مانعة إنما هو من أهل النظر والاستدلال من علماء الرسوم الذين لا ذوق لهم في الأحوال فإن كان لهم ذوق في الأحوال كأفلاطون الإلهي من الحكماء فذلك نادر في القوم وتجد نفسه يخرج مخرج نفس أهل الكشف والوجود وما كرهه من كرهه من أهل الإسلام إلا لنسبته إلى الفلسفة لجهلهم بمدلول هذه اللفظة والحكماء هم على الحقيقة العلماء بالله وبكل شي‏ء ومنزلة ذلك الشي‏ء المعلوم والله هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ومن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً والحكمة هي علم النبوة كما قال في داود عليه السلام وإنه ممن آتاه الله الملك والحكمة فقال وآتاهُ الله الْمُلْكَ والْحِكْمَةَ وعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ والفيلسوف معناه محب الحكمة لأن سوفيا باللسان اليوناني هي الحكمة وقيل هي المحبة فالفلسفة معناه حب الحكمة وكل عاقل يحب الحكمة غير أن أهل الفكر خطؤهم في الإلهيات أكثر من إصابتهم سواء كان فيلسوفا أو معتزليا أو أشعريا أو ما كان من أصناف أهل النظر فما ذمت الفلاسفة لمجرد هذا الاسم وإنما ذموا لما أخطئوا فيه من العلم الإلهي مما يعارض ما جاءت به الرسل عليهم السلام بحكمهم في نظرهم بما أعطاهم الفكر الفاسد في أصل النبوة والرسالة ولما ذا تستند فتشوش عليهم الأمر فلو طلبوا الحكمة حين أحبوها من الله لا من طريق الفكر أصابوا في كل شي‏ء وأما ما عدا الفلاسفة من أهل النظر من المسلمين كالمعتزلة والأشاعرة فإن الإسلام سبق لهم وحكم عليهم ثم شرعوا في أن يذبوا عنه بحسب ما فهموا منه فهم مصيبون بالأصالة مخطئون في بعض الفروع بما يتأولونه مما يعطيهم الفكر والدليل العقلي من أنهم إن حملوا بعض ألفاظ الشارع على ظاهرها في حق الله مما أحالته أدلة العقول كان كفرا عندهم فيؤولونه وما علموا إن لله قوة في بعض عباده تعطي حكما خلاف ما تعطي قوة العقل في بعض الأمور وتوافق في بعض وهذا هو المقام الخارج عن طور العقل فلا يستقل العقل بإدراكه ولا يؤمن به إلا إذا كانت معه هذه القوة في الشخص فحينئذ يعلم قصوره ويعلم أن ذلك حق فإن القوي متفاضلة تعطي بحسب حقائقها التي أوجدها الله عليها فقوة السمع لو عرض عليها حكم البصر أحالته والبصر كذلك مع غيره من القوي والعقل من جملة القوي بل هو المستفيد من جميع القوي ولا يفيد العقل سائر القوي شيئا ومن صح له حكم الإرادة المصطلح عليها عند أهل الله عرف هذه المقامات كلها والمراتب كشفا وعرف صورة الغلط في الأشياء وأنه واقع في النسب والوجوه وكل غالط إنما غلط في النسبة حيث نسبها إلى غير جهتها فيأخذها أهل الله فيجعلون تلك النسبة في موضعها ويلحقونها بمنسوبها وهذا معنى الحكمة فأهل الله من الرسل والأولياء هم الحكماء على الحقيقة وهم أهل الخير الكثير جعلنا الله من أهل الإرادة وممن جمع بين العادة وترك العادة من حيث ما تعطيه الشهادة والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السابع والعشرون ومائتان في معرفة حال المراد»

إن المراد هو المجذوب بالحال *** في كل حال على حل وترحال‏

يمشي به وهو في بيضاء في دعة *** على المقامات من حال إلى حال‏

عناية منه والرحمن يحرسه *** بعينه فهو في نعمى وإقبال‏

[المراد هو المجذوب عن إرادته مع تهيؤ الأمور له‏]

اعلموا أن المراد في اصطلاح القوم هو المجذوب عن إرادته مع تهيؤ الأمور له فهو يجاوز الرسوم والمقامات من غير مشقة بل بالتذاذ وحلاوة وطيب تهون عليه الصعاب وشدائد الأمور وينقسم المرادون هنا إلى قسمين القسم الواحد أن يركب الأمور الصعبة وتحل به البلايا المحسوسة والنفسية ويحس بها ويكره ذلك الطبع منه غير أنه يرى ويشاهد ما له في ذلك في باطن الأمر عند الله من الخير مثل العافية في شرب الدواء الكرية فيغلب عليه مشاهدة ذلك النعيم الذي في طي هذا البلاء فيلتذ بما يطرأ عليه من مخالفة الغرض وهو العذاب النفسي ومن الآلام المحسوسة لأجل هذه المشاهدة كعمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه من أصحاب هذا المقام فقال في ذلك ما أصابني الله بمصيبة إلا رأيت أن لله علي فيها ثلاث نعم النعمة الواحدة حيث لم تكن تلك المصيبة في ديني والنعمة الثانية حيث لم تكن مصيبة أكبر منها إذ في الجائز أن يكون ذلك والنعمة الثالثة ما عند الله لي فيها من تكفير الخطايا ورفع الدرجات فاشكر الله تعالى عند حلول كل مصيبة وهنا فقه عجيب في طريق القوم تعطيه الحقائق لمن عرف طريق الله فإن البلاء لا يقبل الشكر والنعمة لا تقبل الصبر فإن شكر من قام به البلاء فليس مشهوده إلا النعم فيجب عليه الشكر وإن صبر من قامت به النعماء فليس مشهوده إلا البلاء وهو ما فيها من تكليف طلب الشكر عليها من الله وما كلفه من حكم التصرف فيها فمشهوده يقتضي له الصبر والحق سبحانه يردف عليه النعم وهو في شهوده ينظر ما لله عليه فيها من الحقوق فيجهد نفسه في أدائها فلا يلتذ بما يحسب الناس أنه به ملتذ فيصبر على ترادف النعماء عليه فهو صاحب بلاء فليس المعتبر إلا ما يشهده الحق في وقته فهو بحسب وقته إما صاحب شكر أو صاحب صبر فهذا حال القسم الواحد من المرادين وأما القسم الآخر فلا يحس بالشدائد المعتادة بل يجعل الله فيه من القوة ما يحمل بها تلك الشدائد التي يضعف عن حملها غيرها من القوي كالرجل الكبير ذي القوة فيكلف ما يشق على الصغير أن يحمله فما عنده خبر من ذلك بل يحمله من غير مشقة فإنه تحت قوته وقدرته ويحمله الصغير بمشقة وجهد فهذا ملتذ بحمله فارح بقوته يفتخر بها لا يجد ألما ولا يحس به كما قال أبو يزيد في بعض مناجاته‏

أريدك لا أريدك للثواب *** ولكني أريدك للعقاب‏

وكل مآربي قد نلت منها *** سوى ملذوذ وجدي بالعذاب‏

فطلب اللذة بما جرت العادة به أن يثمر عذابا خرقا للعادة فما طلب العذاب يقول أهل الله ليس العجب من ورد في بستان وإنما العجب من ورد في قعر النيران يقول صاحب هذا الكلام ليس العجب ممن يلتذ بما جرت العادة أن يلتذ به الطبع وإنما العجب أن يلتذ بما جرت العادة أن يتألم به الطبع ذكر أن بعض المحبين جنى جناية فجلده الحاكم مائة جلدة فما أحس بتسع وتسعين منها فما استغاث فلما كان في السوط المكمل مائة استغاث فقيل له في ذلك فقال العين التي كنت أعاقب من أجلها كانت تنظر إلي فكنت أتنعم بالنظر إليها فما كنت أحس بمواقع السوط من ظهري فلما كان في السوط الموفي مائة غابت عني فأحسست بموقع السوط فاستغثت ورأيت المرأة الصالحة بمكة فاطمة بنت التاج ضربها أبوها ضربا مبرحا من غير جناية فما أحست بذلك وكانت تحس بشي‏ء يحول بين ظهرها ومواقع السياط فيقع السوط في ذلك الحائل وتسمع وقع السوط بإذنها وتتعجب حيث لا تحس به وقد جرى لنا مثل هذا في بدايتنا في حكاية طويلة فهذا المراد قد يعطيه الله اللذة دائما بكل شي‏ء يقوم به من بلاء ونعمة فإن النعيم ليس بشي‏ء زائد على عين اللذة القائمة بالشخص كما إن البلاء ليس بشي‏ء زائد على وجود عين الألم وأما الأسباب الموجبة لهما فغير معتبرة عندنا فليس صاحب البلاء إلا من قام به الألم وليس صاحب النعمة سوى من قامت به اللذة ويكون السبب ما كان معتادا أو غير معتاد وهذا القسم قد يجعل الله فيه إن يكون مرادا له في نفسه جميع ما يريد الله أن ينزله به فإذا أعطاه الله مرادة ولا بد من ذلك فإن ذلك مراد لله تعالى فإنه يتلذذ بوقوع مراده فتكون الشدائد والمكاره المضادة مرادة له فتحل به فيحملها

بما عنده وما جعل الله فيه من القوة فقد يكون حال المراد بهذه المثابة وأهل البداية في هذا الطريق كلهم عند حصول التوبة ملتذون بكل شدة تطرأ عليهم فهي شدة عند غيرهم وهي ملذوذة هينة



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!