The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى حال العلة

( «بسم الله الرحمن الرحيم»)

«الباب السابع ومائتان في حال العلة»

إن العليل إلى الطبيب ركونه *** مهما أحس بعلة في نفسه‏

فتراه يعبده وما هو ربه *** حذرا عليه أن يحل برمسه‏

فسألت ما سبب الركون فقيل لي *** ما كان إلا كونه من جنسه‏

[العلة تنبيه من الحق‏]

اعلم أن العلة عند القوم تنبيه من الحق ومن تنبيهات الحق‏

قوله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم على صورته وفي رواية يصححها الكشف‏

وإن لم تثبت عند أصحاب النقل على صورة الرحمن فارتفع الإشكال وهو الشافي من هذه

العلة يقول تعالى لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فعلمنا أن كل رواية ترفع الإشكال هي الصحيحة وإن ضعفت عند أهل النقل وإذا كان الله هو الشافي والمعافي فهو الطبيب كما قال الصديق الطبيب أمرضني فسبب حنين صاحب العلة إلى الطبيب ما ذكرناه في الشعر وهو خلقه على الصورة ثم أيد هذا الخبر وهذا النظر الكشفي‏

قول الله تعالى مرضت فلم تعدني‏

ولما فسر قال مرض فلان فأنزل نفسه فيما أصاب فلانا عناية منه بفلان وهذه كلها علل لمن عقل عن الله فالعلة إثبات السبب والحق عين السبب إذ لولاه ما كان العالم فهو الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ الشافي فإذا كان هو عين العلة في قوله منك من‏

قوله أعوذ بك منك‏

فما شفاه إلا منه إذ لا شافي إلا الله فهو الشافي من كل علة فإن الله وضع الأسباب فلا يقدر على رفعها ووضع الله لها أحكاما فلا يمكن ردها وهو مسبب الأسباب فخلق الداء والدواء وما جعل الشفاء إلا له خاصة فالشفاء علة لإزالة المرض وما كل علة شفاء فكل مسبب سبب وما كل سبب مسبب لكن قد يكون مسبب الحكم لا مسبب العين كقوله أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فالعلة إذا كانت بمعنى السبب لها حكم وإذا كانت بمعنى المرض لها حكم فهي بمعنى المرض داء وهي بمعنى السبب حكمة فالعلة تنبيه من الحق لعبده على كل حال فوقتا ينبهه من رقدة غفلته بأمر ينزل به وذلك هو الداء والمرض فإذا فقد العافية أحس بالألم فعلم أن مصيبة نزلت به فشرع الله له أن يقول إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ولا يرجع إلا من خرج ووقتا ينبهه من رقدة غفلته بحكمة تظهر له في نفسه من غير أن يكون ذا مرض نفساني فإذا كان الحق عين علته فلا يكون إلا من تجل إلهي فجأة فإن لله فجآت على قلوب عباده ترد عليهم من غير استدعاء ولا تقدم سبب معين عنده وإن كان عن سبب في نفس الأمر ولكن لا علم له بذلك غير أن القوم ما عدلوا إلى هذا الاسم الذي هو العلة إلا لما رأوا العلة مرتبطة بمعلولها والمعلول مربوطا بعلته وعلموا أن العالم ملك لله والملك مربوط حقيقة وجوده ملكا بالملك والملك الله والملك لا يكون ملكا على نفسه فهو مربوط بالملك فلما ظهر التضايف في كون العالم مربوبا ومملوكا عدلوا إلى اسم العلة ولم يعدلوا إلى اسم السبب ولا إلى اسم الشرط ولما كان بعض التنبيهات الإلهية آلاما ونوازل تكرهها النفوس بالطبع عدلوا إلى اسم بجمع التنبيهات كلها فعدلوا إلى العلة فإن المرض يسمى علة وهو من أقوى المنبهات في الرجوع إلى الله لما يتضمنه من الضعف ثم إن الله جعل الأسباب حجبا عن الله وركنت النفوس إليها ونسي الله فيها وانتقل الاعتماد عليها من الخلق والعلة وإن كانت عين السبب ولكن لاختلاف الاسم حكم فالعلة على النقيض من السبب فإنها منبهة بذاتها على الله فكان اسم العلة بالمنبه أولى فكل سبب لا يردك إلى الله ولا ينبهك عليه ولا يحضره عندك فليس بعلة

فدائي هو الداء العضال لأنه *** ينبهني في كل حال على نفسي‏

فما علتي غيري وما علتي أنا *** ولست بذي فصل ولست بذي جنس‏

ولست على علم فاعرف من أنا *** ولست على جهل بذاتي ولا لبس‏

فما أنا من تعني ولا أنا غيره *** ولكنني في الطرح في الضرب كالأس‏

[إن العلة تنبيه من تنبهات الإلهي‏]

ولما كانت العلة التنبه الإلهي فتنبيهات الحق لا تنحصر إلا من طريق ما وهو أن التنبيه الإلهي لا يخلو ما أن يكون من‏

خارج أو من داخل فإن كان من خارج فقد يثبت وقد لا يثبت وإن كان من داخل فإنه يثبت ولا بد كإبراهيم بن أدهم فإنه نودي من قربوس سرجه فالتفت نحوه فإذا النداء من قلبه فتخيل أنه من قربوس سرجه وكصاحب القنبرة العمياء حين انشقت لها الأرض عن سكرجتين ذهب وفضة في الواحدة ماء وفي الأخرى سمسم فأكلت من السمسم وشربت من الماء فكانت القنبرة العمياء نفسه مثلت له في هذه الصورة لأنها كانت في حال عمى من المخالفة مع ما هو عليه من نعمة الله فعلم ذلك فرجع إلى الله فهذه أمثلة ضربت لهم فالصورة تظهر من خارج والأمر عنده في حاله ولذلك ثبتوا وقد يكون التنبيه الإلهي من واقعة ومن الواقعة كان رجوعنا إلى الله وهو أتم العلل لأن الوقائع هي المبشرات وهي أوائل الوحي الإلهي وهي من داخل فإنها من ذات الإنسان فمن الناس من يراها في حال نوم ومنهم من يراها في حال فناء ومنهم من يراها في حال يقظة ولا تحجبه عن مدركات حواسه في ذلك الوقت وإنما سميت علة لأنها تورث ألما في النفس على ما فاته من الحق الذي خلق له ويتوهم أنه لو مات في حال المخالفة كيف يكون وجهه عند الله ولو غفر له أ ما كان يستحيي منه حيث عصاه بنعمته ومن نعمته عليه أنه أمهله ولم يؤاخذه بما كان منه كما قلنا في نظم لنا

يا من يراني ولا أراه *** كم ذا أراه ولا يراني‏

فقال لي بعض إخواني كيف تقول إنه لا يراك وأنت تعلم أنه يراك فقلت له في الحال مرتجلا

يا من يراني مجرما *** ولا أراه آخذا

كم ذا أراه منعما *** ولا يراني لائذا

فلو لم يكن في المخالفة إلا الاستحياء لكان عظيما بل هو أعظم من العقوبة فالمغفرة أشد على العارفين من العقوبة فإن العقوبة جزاء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فإنك تعرف أن الحق عليك متوجه وأنه أنعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذا حياء أبدا ولهذا إذا غفر الله للعبد ذنبه حال بينه وبين تذكره وأنساه إياه فإنه لو تذكره لاستحيا ولا عذاب على النفوس أعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء إنه لم يكن شيئا كما قالت الكاملة يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا هذا حياء من المخلوق كيف نسبوا إليها ما لا يليق ببيتها ولا بأصلها ولهذا قالوا ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا فبرأها الله مما نسبوا إليها لما نالها من عذاب الحياء من قومها فكيف الحياء من الله فيما يتحققه العبد من مخالفة أمر سيده فإن قلت وهل يمكن أن يعصى على الكشف قلنا لا قيل فقول أبي يزيد لما قيل له أ يعصي العارف والعارف من أهل الكشف فقال وكانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَقْدُوراً فجوز قلنا هكذا يكون أدب العارفين مع الحق في أجوبتهم حيث قال إن كان الله قدر عليهم في سابق علمه ذلك فلا بد منه وهي معصية فلا بد من الحجاب كما

قال صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم حتى إذا أمضى فيهم قدره ردها عليهم ليعتبروا

وكذلك حال العارف إذا أراد الله وقوع المخالفة منه ومعرفته تمنعه من ذلك فيزين الله له ذلك العمل بتأويل يقع له فيه وجه إلى الحق لا يقصد العارف به انتهاك الحرمة كما فعل آدم كالمجتهد يخطئ فإذا وقع منه المقدور أظهر الله له فساد ذلك التأويل الذي أداه إلى ذلك الفعل كما فعل بآدم فإنه عصى بالتأويل فإذا تحقق بعد الوقوع أنه أخطأ علم أنه عصى فعند ذلك يحكم عليه لسان الظاهر بأنه عاص وهو عاص عند نفسه وأما في حال وقوع الفعل منه فلا لأجل شبهة التأويل كالمجتهد في زمان فتياه بأمر ما اعتقادا منه أن ذلك عين الحكم المشروع في المسألة وفي ثاني حال يظهر له بالدليل أنه أخطأ فيكون لسان الظاهر عليه أنه مخطئ في زمان ظهور الدليل لا قبل ذلك فإن كان العارف ممن قيل له على لسان الشارع افعل ما شئت فقد غفرت لك فما عصى لا ظاهرا ولا باطنا عند الله وإن كان لسان الظاهر عليه بالمعصية لأنه لم يدرك نسخ ذلك بالإباحة من الشارع فلسان الظاهر كمجتهد مخطئ بري إصابة غيره من المجتهدين خطأ اعتمادا منه على دليله فمن كان هذا مقامه فما فعل فعلا يوجب له الحياء مع لسان الظاهر عليه بالمعصية فمن تنبيهات الحق التوفيق لإصابة الأدلة كما هي في نفس الأمر ليكون على بصيرة وهو المعتنى به في أول قدم فإذا أورثته العلة علة طهرته فإذا وقع التطهير أنسي ما كان عليه من المخالفة وشغل بما توجه إليه مبسوطا لا مقبوضا ولذلك قال بعضهم في حد التوبة أن تنسى ذنبك ومعنى ذلك عند هذا القائل إن الله تعالى إذا قبل توبتك أنساك‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!