Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


183. الموقف الثالث والثمانون بعد المائة

قال تعالى: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾[الأنبياء: 21/ 69].

النار نار الطبيعة ومقتضيات النفس الحيوانية، وهي مأمورة بأن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم، وإبراهيم ماهو شخص جزئي حقيقة، بل هو شخص كلّي، فإن لكل حقيقة كلّية شخصاً ك لّياً، كآدم للحقيقة الكلّية الإنسانية ونحوه، ولذا قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾[النحل: 16/ 120].

فإبراهيم مجموع من اتبع ملّته، فهو أصل وأب لكلّ من اتبع ملّته، وهو تجريد التوحيد وإفراد الوجهة لربّ العالمين، كما أن آدم أصل وأب لكل إنسان، وهو من كان حيواناً ناطقاً، ومحمد (صلى الله عليه وسلم) أب واصل لإبراهيم ولآدم، فيم كانا فيه أبوين، فكلّ من اتبع ملّة إبراهيم فهو إبراهيم، والنار مأمورة بأن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم ، وملّة إبراهيم هي قوله: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[الأنعام: 19/ 78- 79].

وقد أمر الحق تعالى بتباع ملّة إبراهيم: قال: ﴿فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[آل عمران: 3/ 95].

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً﴾[النساء: 4/ 125].

فلم يجعل للحق تعالى شريكاً في الوجود، وتوابع الوجود، وكل من أثبت لغيره تعالى وجوداً حادثاًن أو قديماً مغايراً الحق، فما هو ممّن اتبع ملّة إبراهيم، فما هو إبراهيم، فليست النار مأمورة بأن تكون برداً وسلاماً عليه. بل هو ممّن رغب عن ملّة إبراهيم، وخسر نفسه، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾[البقرة: 2/130].


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!