The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثاني والسبعون في الحج وأسراره]

(و قال) : إذا جامع المحرم قبل الوقوف بعرفة، وبعد الإحرام فالحكم فيه عند العلماء قاطبة الفساد كحكمه بعد الوقوف قال: ولا أعرف لهم دليلا على ذلك، ونحن وإن قلنا بقولهم واتبعناهم في ذلك فإن النظر يقتضي أن الوطء إذا وقع قبل الوقوف أنه يرفض ما مضى ويجدد الإحرام ويهدي فإن كان بعد فوات الوقوف فلا لأنه لم يبق للوقوف زمان وهناك بقي زمان للإحرام لكن ما قال بهذا أحد فتبعنا أصحاب الإجماع في إطلاقهم الفساد.

(قلت) : الذي يظهر لي أن النكتة في ذلك التغليط عليه لعظم حرمة الحج واللّه تعالى أعلم. وقال الذي أقول به وجوب رفع الصوت بالتلبية مرة واحدة وما زاد على الواحدة فهو مستحب وقال الذي أقول به عدم وجوب الخروج للحل على من كان في الحرم لحج وعمرة بل يصح إحرامه بهما من الحرم، وأما استدلالهم بقصد خروج السيدة عائشة إلى التنعيم فإنما هو لأجل كونها كانت آفاقية وحاضت فخرجت لتقضي صورة ما فاتها وأطال في ذلك فليتأمل ويحرر. وقال: قد تميزت الكعبة على العرش والبيت المعمور بالحجر الأسود يمين اللّه في الأرض وأطال في ذلك وقال بيت اللّه لا يقبل التحجير فما بقي من الكعبة في الحجر هو بيت اللّه تعالى الأصح وما حجر عليه فهو بيته الصحيح فمن دخل القطعة التي في الحجر دخل البيت ومن صلى فيه صلّى في البيت ولا حكم لبني شيبة ولا غيرهم عليه فاستغنى العارفون عن منتهم وقال: يوم عرفة محسوب من الزوال إلى طلوع الفجر من ليلة العيد فنقص عن سائر الأيام الزمانية قال: وقد أجمع الشرع والعرف على تأخير ليلة عرفة عن يومها لقول الشارع من أدرك ليلة جمع قبل الفجر فقد أدرك الحج والحج عرفة فهذا سبب تأخير هذه الليلة عن يومها وإلا فالأصل تقديم الليلة على نهارها. قال تعالى: وآيَةٌ لَهُمُ اَللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ اَلنَّهٰارَ [يس: 37] .

فجعل الليل أصلا وسلخ منه النهار كما تسلخ الشاة من جلدها فكان الظهور لليل والنهار مبطون فيه وقال في قوله تعالى: واِتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] . أي: موضع دعاء إذا صليتم فيه أن تدعوا لأنفسكم في تحصيل نظير تلك المقامات التي كانت لإبراهيم عليه السلام، وهو أن يقول أحدنا: اللهم اجعلني أواها حليما أمة قانتا شاكرا لأنعم اللّه منقاد لأمر اللّه صالحا موفيا بالعهد ونحو ذلك، مما قص اللّه علينا في القرآن وقال: إنما أمرنا بالتضلع من ماء زمزم لأن فيه سرا خفيا وهو أنه يذلل النفس بعد تكبرها وتحققها بمقام العبودية المحضة كما جرب.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!