اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
فى التوبة
من البلاء الموقوف إزالته على الطب ولا يقدح في صبرهم شكواهم إلى الله في رفع ذلك البلاء عنهم أ لا ترى أيوب سأل ربه رفع البلاء عنه بقوله مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أي أصاب مني فشكا ذلك إلى ربه عز وجل وقال له وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ففي هذه الكلمة إثبات وضع الأسباب وعرض فيها لربه برفع البلاء عنه فاستجاب له ربه وكشف ما به من الضر فأثبت بقوله تعالى فَاسْتَجَبْنا لَهُ أن دعاءه كان في رفع البلاء فكشف ما به من ضُرٍّ ومع هذا أثنى عليه بالصبر وشهد له به فقال إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ أي رجاع إلينا فيما ابتليناه به وأثنى عليه بالعبودية فلو كان الدعاء إلى الله في رفع الضر ورفع البلاء يناقض الصبر المشروع المطلوب في هذا الطريق لم يثن الله على أيوب بالصبر وقد أثنى عليه به بل عندنا من سوء الأدب مع الله أن لا يسأل العبد رفع البلاء عنه لأن فيه رائحة من مقاومة القهر الإلهي بما يجده من الصبر وقوته قال العارف إنما جوعني لأبكي فالعارف وإن وجد القوة الصبرية فليفر إلى موطن الضعف والعبودية وحسن الأدب فإن القوة لله جميعا فيسأل ربه رفع البلاء عنه


