اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[نوم العارفين]


وأما اعتبار النائم العارف هذه المعرفة فهو الذي حجبه النظر في طبيعته وما لها من الحكم فيه من غير نظر إلى مكونها وهو ضرب خاص من النسيان لأنه تارك للعمل أو غير موجود منه العمل المطلوب في تلك الحالة فإن كان نظره الذي هو نومه في حكم طبيعته من حيث ما تقتضيه حقيقتها لذاتها غير ذاكر ولا مشاهد لموجد عينها لم يؤاخذه الله بما نقصه من الأدب الذي يطلب به الحاضر مع معرفته فمتى استيقظ هذا النائم أحضر الحق في نفسه موجد العين تلك الطبيعة مع تقرير حكمها التابع لوجود عينها كالأحوال فيتأدب بالحضور الذي يليق بتلك المسألة مع الله فيكون بمنزلة من لم ينم في ذلك الاستحضار فإن لم يفعل عوقب من كونه لم يستحضره لا من كونه كان قد نام عنها فإن كانت الأسباب الموجبة لنومه أمورا كان حظه فيها على حكم وجه الشرع لها فيتعلق الإثم به من حيث ذلك السبب وحكم الشرع لا من حكم نومه أو يتعلق به الأجران كان حكم الشرع فيه الأجر من حيث ذلك السبب لا من حيث نومه سواء فهكذا ينبغي أن يكون نوم العارفين ونسيانهم في هذا الاعتبار في المعرفة بالله
