اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الأول أفضل الأشياء وأعلاها]
وأما اعتبار الوقت المرغب فيه على ما ذكرناه من الاختلاف واتفق الكل على الأولية أو الأكثر واختلفوا في الأحوال فاعلم إن الأول أفضل الأشياء وأعلاها لأنه لا يكون عن شيء بل تكون الأشياء عنه فلو كان عن شيء لم تصح له الأولية على الإطلاق فكذلك العبد يسعى في أن يعبد ربه من حيث أولية ربه لا من حيث أولية عينه فإن أولية عينه عن أوليات كثيرة قبله وأعني بذلك الأسباب فهو سبحانه السبب الأول الذي لا سبب لأوليته فإذا عبده العارف في تلك الأولية المنزهة عن إن يتقدمها أولية انسحبت عبادة هذا العارف من هناك على عبادة كل مخلوق خلقه الله من أول المخلوقات إلى حين وجوده وهي الأولية المؤثرة في إيجاد الكائنات فقد عبده في الوقت المرغب فيه سواء عبده بصفة خاصة من أعضائه المكلفة كصلاة الفذ المنفرد أو عبده بجميع أعضائه كصلاة الجماعة أو في زمان الحر أي في شدة خوفه ومجاهدته وحرقة اشتياقه ووجده وولهه وكلفه أو في برد أي في حال علمه وثلج يقينه وبرده على أي حالة كان فالأولية أفضل له فإن الله يقول آمرا سارِعُوا وسابِقُوا وأثنى على من هذه حالته فقال أُولئِكَ يُسارِعُونَ في الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ